منتديات مصرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty صفحات منسية من القضية الفلسطينية

الخميس 06 مارس 2014, 4:24 am
صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (1)
بداية التوافد الجماعي لليهود على فلسطين
كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد بدأت الموجة الأولى من الهجرة اليهودية الجماعية إلى فلسطين بين عامي 1882م و1904م برعاية البارون "إدموند روتشيلد" ثم برعاية البارون "موريس دي هيرش"، وكان بعض رجال الأعمال اليهود، وفي مقدمتهم: "روتشيلد"، و"موسى مونتيفيوري" قد تزعموا في بداية القرن التاسع عشر الميلادي دعوة تهدف إلى إنشاء مستعمرات لليهود في فلسطين.
وحتى عام 1880م، وقبل ظهور الحركة الصهيونية في أوروبا لم يكن يوجد في فلسطين إلا 25 ألف يهودي من أصل سكان فلسطين وقتها، البالغ عددهم آنذاك 600 ألف نسمة، وأكثر هؤلاء اليهود كانوا وقتها من اليهود العرب، وليسوا من اليهود الأوروبيين.
وبالرغم مِن اضطهاد أوروبا لليهود في القرون الميلادية الوسطى -ضمن الاضطهادات الدينية في أوروبا وقتها- إلا أن الوجود اليهودي في فلسطين كان محدودًا جدًّا يقتصر على بضع مئات من الأشخاص وفقًا لتقديرات الرحالة الغربيين إلى الأماكن المقدسة بين القرن الثاني عشر والقرن الخامس عشر.
وعندما اضطهد الملوك الأسبان اليهود فيمن اضطهدوهم في أواخر القرن الخامس عشر وحدثت هجرة جماعية لليهود من أسبانيا إلى خارجها اتجه نفر قليل من اليهود الأسبان إلى فلسطين، بينما نزح أكثرهم إلى بلدان أوروبا الغربية وإلى شمال إفريقية وبلاد البلقان.
ومعلوم أنه من بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- على الصليبيين وإخراج المسلمين للصليبيين من الشام كان هناك جو مِن التسامح من المسلمين مع الأقليات الدينية الأخرى -بما فيهم اليهود- في فلسطين بعد تحريرها، وقد امتد هذا التسامح طوال حكم الدولة العثمانية حتى في فترات شدة النزاع مع أوروبا، ولا يخفى أن هذا التسامح من المسلمين مع غيرهم ليس له مثيل في أي مكان في العالم الأوروبي.
ويلاحظ على هذه الموجة الأولى من الهجرة اليهودية:
1- أن غالبيتها من اليهود الشرقيين من روسيا وأوروبا الشرقية؛ إذ كان اليهود الغربيون قد استقروا في العديد من دول أوروبا الغربية ولا يرغبون في مغادرتها، ولذلك لم يتحمس اليهود الغربيون -حتى بعد ظهور الحركة الصهيونية الداعية إلى الهجرة إلى فلسطين- للهجرة لفلسطين، حتى نجح اليهود الصهاينة بعد ذلك بعقود في دفعهم للهجرة إليها كما سنبينه -إن شاء الله-.
2- أن في إثر مذابح تعرض لها اليهود في روسيا عام 1882م قامت حركة يهودية قوية، ألَّف معها "هيكلر الجرماني" كتابه: "إرجاع اليهود إلى فلسطين حسب أقوال الأنبياء"، كما ظهرت حركة "أحباء صهيون" في روسيا، وفي عام 1890م ظهرت "جمعية مساعدة الصناع والمزارعين اليهود في سوريا وفلسطين"، وترأسها "ليون بنسكر"، وكانت تهدف إلى تشجيع الهجرة إلى فلسطين وإحياء اللغة العبرية.
وفي عام 1893م استعمل الكاتب الألماني "ناثان برنباوم" مصطلح "الصهيونية" لأول مرة، ثم بلور "تيودور هرتزل" أفكار اليهود في حركة صهيونية حديثة تضمنها كتابه: "الدولة اليهودية"، وسعى إلى تحقيقها وفق مخططات مدروسة توحد جهود اليهود لتنفيذها، وقد لاقت تلك الأفكار الاستجابة الأكبر لدى اليهود الشرقيين أولاً، وهذا يفسر سبب كون أكثر زعماء إسرائيل بعد ذلك كانوا من هؤلاء اليهود الأوائل القادمين من أوروبا الشرقية، وروسيا المتأثرين بتلك الأفكار اليهودية.
3- أن هذه الهجرة اليهودية خاصة مع الدخول في القرن العشرين الميلادي أخذت شكل التملك والاستيطان وطابع التهويد، فقد قام اليهود بتهويد الملكية ورأس المال والأيدي العاملة، وقد منعت الوكالة اليهودية اليهود المهاجرين من بيع الأراضي المشتراة مطلقًا، وقصرت العمل في مشروعاتها الزراعية على اليهود دون غيرهم.
وقد انكشفت تلك الحقيقة بعد ذلك بعقود:
- ففي اضطرابات عام 1929م جاء في تقرير لجنة التحقيق البريطانية: "أن تملك الأراضي الفلسطينية مِن قِبَل الصندوق الوطني اليهودي قد أخرج هذه الأراضي في الواقع عن السيادة الفلسطينية, وهو يعني أن العرب قد فقدوا هذه الأراضي إلى غير رجعة، فليس فقط لن يكون بإمكانهم استئجار هذه الأراضي أو زراعتها، بل أيضًا وبموجب الإجراءات الدقيقة الواردة في نظام الصندوق اليهودي لن يعود بإمكان العرب أبدًا القيام حتى بالعمل المأجور فوق هذه الأرض, إضافة إلى ذلك لن يعود بإمكان العرب إعادة شراء هذه الأراضي كي تدخل من جديد في الملكية القومية؛ لأنها أصبحت غير قابلة لمبدأ التنازل".
- وقد أصدرت المنظمة الاشتراكية الإسرائيلية "منظمة ماتزين" في عام 1969م نشرة بينت كيف كان منهج الهجرة والاستيطان والتهويد لدى الوكالة اليهودية، حيث جاء فيها: في مطلع القرن -يعني القرن العشرين- عندما بدأت الهجرة اليهودية المنظمة تلقي بأفواجها في فلسطين لم يعد بالإمكان تجاهل الواقع وما حمله من مفاجأة، وهو أن البلاد كانت مأهولة بالسكان -حيث كان يزعم زعماء اليهود لليهود وللأوربيين أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض!- وعلى غرار أي مجتمع استعماري كان على رجال المستوطنات الصهيونيين أن يرسموا سياسة محددة تجاه أهالي البلد.
ونصل هنا إلى الطابع الخاص بالصهيونية والذي يميزها تمامًا عن كل استعمار آخر في العصور الحديثة: ففي كل البلدان المستعمرة الأخرى سعى المستعمرون الأوربيون إلى استثمار ثروات البلاد بما فيها طاقات أبناء البلاد أنفسهم، محولين في كل مرة السكان إلى طبقة بروليتارية -أي طبقة عاملة- داخل المجتمع الرأسمالي الجديد الذي أنشأوه، أما الصهيونية فلم تُرِد ثروات فلسطين فقط، بل كانت تريد فلسطين نفسها أيضًا مِن أجل إقامة دولة قومية جديدة فيها.
وكان على الأمة الجديدة أن تكون لها طبقاتها الاجتماعية الخاصة بها بما فيها الطبقة العاملة، وبالتالي لم يكن المطلوب هو استغلال العرب، بل المطلوب استبدالهم كليًّا.
وقد لاحظ هذا التوافد الجماعي لليهود بعض أعيان القدس من الفلسطينيين، ووجهوا مذكرة في عام 1891م إلى السلطة العثمانية في الأستانة يطالبون بمنع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومنع اليهود من شراء أراضٍ في فلسطين، فمع أن مجمل هذه الموجة الأولى من الهجرة اليهودية لم تتجاوز 25 ألف يهودي، ولكن تلك التحركات اليهودية جعلت من العرب الفلسطينيين مَن يتوجس منها رغم أن مثل هذا التوجس لم يعرفه المسلمون مِن قبْل تجاه غيرهم؛ إذ لا تمنع دولة الإسلام غير المسلمين من العيش فيها.
وفي عام 1901م تحرك بعض مزارعي طبرية بمعارضة شراء الأراضي في منطقتهم، وقد توجسوا من التوافد الجماعي لليهود، وقد حذرت بعض الصحف العربية من النتائج التي أسفر عنها المؤتمر الصهيوني الأول في "بال" بسويسرا عام 1898م.
وفي عام 1905م أصدر "نجيب عازوري" كتابه: "يقظة الأمة العربية"، وفيه نبَّه على خطر الصهيونية على فلسطين والمنطقة العربية، وفي عام 1911م أصدر "نجيب نصار" أول كتاب باللغة العربية عن الحركة الصهيونية بعنوان: "الصهيونية: تاريخها وهدفها وأهميتها".
وفي مواجهة التحركات اليهودية الأولى صدرت بعض الصحف الفلسطينية متبنية مواجهة هذا التحرك كصحيفة "الكرمل" الفلسطينية عام 1908م.
وللحديث بقية -إن شاء الله- مع مقالنا الثاني من هذه السلسلة.

www.anasalafy.com
موقع أنا السلفي


عدل سابقا من قبل ليدر في الخميس 06 مارس 2014, 4:25 am عدل 1 مرات
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

الخميس 06 مارس 2014, 4:24 am
صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة فلسطين (2)
الحركة الصهيونية الحديثة
كتبه/ علاء بكر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالصهيونية حركة سياسية عنصرية ترمي إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين، واسم الصهيونية مشتق من اسم "جبل صهيون"، وهو جبل في القدس حيث بنى داود -عليه السلام- قصره بعد انتقاله من حيرون (الخليل) إلى بيت المقدس في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، فالاسم يرمز إلى مملكة داود -عليه السلام-، وإعادة تشكيل هيكل سليمان -عليه السلام- من جديد، بحيث تكون القدس عاصمة لها.
أما مصطلح "الصهيونية": فقد ظهر لأول مرة على يد الكاتب الألماني "ناثان برنباوم" عام 1893م.
كان أغلب اليهود ينظرون إلى أنفسهم كأبناء دين واحد موزعين مثل أبناء العديد من الأديان هنا وهناك في أنحاء العالم، لكنهم ينتظرون ملكًا يوحدهم ويقيم لهم مملكة يحكمون العالم من خلالها، وقد ظهرت عبر التاريخ دعوات لإقامة دولة لليهود في فلسطين وإعادة بناء هيكل سليمان -عليه السلام-؛ فلم يُكتب لها النجاح، وجاء تأثيرها محدودًا.
أما الحركة "الصهيونية الحديثة" في القرن التاسع عشر فلم تظهر عبثًا، بل تبلورت تأثرًا بنزعتين كبيرتين سادتا أوروبا في ذلك الوقت:
1- النزعة القومية: حيث كانت أوروبا تموج بالدعوة إلى القوميات، وتمجيد الأعراق، فكان الألمان أو الإنجليز أو الروس يعتبرون أنفسهم أعظم أمة وأرفع عرق.
2- النزعة الاستعمارية: حيث رأت أوروبا في تطورها العلمي والصناعي والعسكري ما يجعلها الحضارة المثالية القدوة التي من حقها السيطرة على سائر العالم الغارق في الضعف والتشتت، واتجه الاستعمار الأوروبي فيما اتجه إليه إلى الشرق حيث دب الضعف في الدولة العثمانية التي تحكمه.
وقد أقحمت الحركة الصهيونية نفسها في هذا الإطار بتبني هاتين النزعتين، وتطبيقهما على اليهود، فلم يأتِ هذا التحرك اليهودي القومي الاستعماري من فراغ، فهذا "هرتزل" -أبو الحركة الصهيونية الحديثة- يبني نظرته للمسألة اليهودية على أن:
- اليهود يشكلون أمة واحدة أيًّا كان البلد الذي يعيشون فيه.
- اليهود هدفًا للاضطهاد في كل زمان ومكان.
- لا يمكن لليهود أن يندمجوا في نسيج أي أمة يعيشون فيها.
وعلى ذلك فينبغي إنشاء دولة يهودية يتجمع فيها كل يهود العالم لتكوين دولة قومية لليهود على نمط القوميات التي انتشرت في أوروبا وقتها، وينبغي إنشاء هذه الدولة في مكان شاغر، كما هو الفكر الاستعماري السائد في أوروبا وقتها، أي عدم إقامة أي اعتبار للسكان الأصليين في هذا المكان على أن يكون المنطلق منطلقًا عرقيًّا مستمدًا من فكرة أن اليهود شعب مختار، وإعطاء هذه الفكرة مضمونًا أيدلوجيًّا سياسيًّا يخدم مشروعهم القومي الاستعماري.
ويدل على هذه النزعة الاستعمارية للحركة الصهيونية الحديثة قول "هرتزل" في كتابه "الدولة اليهودية": "بالنسبة لأوروبا سنقيم هناك -أي في فلسطين- جزءًا من السور المضاد لآسيا، وسنكون حراس الحضارة المتقدمة الموقع ضد البربرية".
والبربرية: هي الوصف الذي يطلقه المستعمرون الأوروبيون على الشعوب المستضعفة التي يستعمرونها، وكتب -"هرتزل"- في رسالة موجهة إلى رائد الاستعمار البريطاني قي إفريقية "سيسل رودس" الذي حملت "روديسيا" اسمه، يقول له: "أرجوك أن ترسل لي نصًّا جوابيًّا تعلمني فيه أنك درست برنامجي، وأنه يحظى بموافقتك، تتساءل ربما لماذا أتوجه إليك يا سيد "رودس"؟ أتوجه إليك؛ لأن برنامجي هو برنامج استعماري!".
فلسطين أو غيرها:
رغم الحلم التاريخي لليهود بمملكة يحكمون منها العالم من "القدس" كما كان عليه أتباع هذا الدين الأوائل في عهد داود وسليمان -عليهما السلام-؛ فإن رواد الحركة الصهيونية الحديثة لم يقصروا خيارهم في إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين، بل كانوا متقبلين لإقامة هذه الدولة في أي مكان مناسب يسمح لهم بإقامة دولة لليهود فيه.
فهذا "ليو بنسكر" المؤسس الفكري الأول للحركة الصهيونية، وهو مؤسس جمعية "أصدقاء صهيون" التي مدت فروعها من روسيا إلى سائر أوروبا الشرقية، وأرسلت دفعة من اليهود إلى "فلسطين" يوصي مبينًا صفات الأرض المناسبة لإقامة الدولة اليهودية: "إن الأرض التي يجب أن نحصل عليها يجب أن تكون خصبة ذات موقع ملائم، وواسعة بما فيه الكفاية؛ لتستطيع استيعاب بضعة ملايين من الناس"، أي أن فلسطين ليست الخيار الوحيد.
و"بنسكر" كان طبيبًا في مدينة "أوديسا" الأوكرانية الروسية، وهو أول مَن طرح فكرة "الوطن اليهودي" في كتابه "التحرر الذاتي" الذي نُشر في برلين عام 1882م، أي قبل كتاب هرتزل "الدولة اليهودية" بأربعة عشر سنة، ويعتبر "بنسكر" و"هرتزل" و"وايزمان" و"بن جوريون" الآباء الأربعة للدولة الصهيونية، لكن كتاب بنسكر "التحرر الذاتي" لم يلقَ شهرة كتاب هرتزل "الدولة اليهودية".
ولم يختلف الأمر عن ذلك عند "هرتزل" حيث قال في كتابه "الدولة اليهودية": "هناك أرضان مأخوذتان بالاعتبار: فلسطين والأرجنتين، وقد تمت تجارب ملفتة لإقامة مستعمرات يهودية في هاتين النقطتين"، ويقول متسائلاً: "هل يجب اختيار فلسطين أم الأرجنتين؟" وجوابه هو: "ستأخذ الهيئة -أي اليهودية- ما سوف يعطى لها".
وقد بدأ البارون الصهيوني "دو هيرش" تنفيذ الاختيار الأرجنتيني عمليًّا عندما أنشأ الجمعية الاستعمارية اليهودية الهادفة إلى توطين اليهود الروس في الأرجنتين.
وقد عرض "جوزيف تشامبرلين" وزير المستعمرات البريطاني موزمبيق على "هرتزل" فوافق عليها، و"تشامبرلين" الذي كان معروفًا بعدائه للسامية كان يريد التوصل إلى حل مع اليهود يؤدي إلى إبعادهم عن أوروبا، وقد بدا لـ"هرتزل" في نهاية المطاف أن أكثر الاحتمالات إمكانًا هو إقامة الدولة اليهودية في أوغندا، فركز على ذلك جهوده.
وقد وافق "تشامبرلين" على إعطاء الحركة الصهيونية منطقة "غواز نغيشو" في أوغندا، وهي منطقة كانت شبه خالية من السكان، تبلغ مساحتها 6300 ميل مربع تقريبًا، وقد تم إلحاقها فيما بعد بكينيا، ولكن المؤتمر الصهيوني السادس المنعقد عام 1903م انقسم على نفسه بشأن الحل الإفريقي بين مؤيد ومعارض خاصة من ممثلي اليهود الروس الذين رفضوه، وكان غالبية المؤسسين للحركة الصهيونية من روسيا وأوروبا الشرقية، فلم يستطع "هرتزل" الاستمرار في المشروع الأوغندي إلى النهاية.
وقد تركزت الجهود الصهيونية على فلسطين دون غيرها بعد وفاة "هرتزل" عام 1904م, واستقرت عليها بعد بروز "حاييم وايزمان" وانتقاله إلى بريطانيا، حيث لعب دورًا رئيسيًّا في حصول اليهود على وعد "بلفور" عام 1917م بقيام الحكومة البريطانية بإقامة وطن قومي لليهود في أرض فلسطين.
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

السبت 19 أبريل 2014, 8:02 pm
صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (3)

"تيودور هرتزل والدولة اليهودية"

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فـ"تيودور هرتزل" كاتب يهودي امتلأت نفسه بهموم اليهود في العالم، فوضع مشروعه لإقامة دولية قومية لليهود، ثم سعى بكل السبل لتحقيق ما خطط له، ونجح في تجميع جهود اليهود في العالم لتسير في الاتجاه الذي أراده.

ولد "هرتزل" في مدينة "بودابست" بالمجر في 2 مايو 1860م من أب يهودي ثري يعمل في التجارة، ودرس الحقوق في جامعة فيينا بالنمسا، وعمل كاتبًا وصحفيًّا في المجالات السياسية والأدبية حيث نشر أول مقال له في 27 مايو عام 1885م, وأصبح من عام 1891م وحتى عام 1895م مراسلاً في باريس للجريدة الحرة الجديدة "نيو فري باريس" التي كانت تصدر في فيينا.

ألَّف في عام 1894م مسرحيته "الجيتو الجديد"، تتحدث عن الأوضاع الاجتماعية للطبقة اليهودية العليا في فيينا، وتعتبر محاولة للتعبير عن توجهات "هرتزل" في المسألة اليهودية.

بدأ "هرتزل" يسجل يومياته من عام 1895م، وفي 2 يونيو 1895م التقى "هرتزل" بالبارون "دو هيرش"، حيث قدَّم له فكره، ولكن "دو هيرش" لم يرحب بخطة "هرتزل" السياسية، بينما اعتبر هرتزل هذا اللقاء بداية عمله من أجل الصهيونية.

بدأ "هرتزل" في نفس العام -1895م- كتابة المسودة لكتابه: "الدولة اليهودية"، وانتهى من تسجيل أفكاره مع أواخر ذلك العام، ثم سعى لنشر الكتاب حيث تعاقد في 19 يناير عام 1896م مع "ماكس بريتنشتين" في فيينا على نشر ثلاثة آلاف نسخة من الكتاب كطبعة أولى، ونشر الكتاب باللغة الألمانية في فبراير 1896م.

وقد تمت ترجمة الكتاب من الألمانية إلى الإنجليزية بمعرفة "سيلفي دافيجدور"، وقام بنشر الكتاب في لندن الناشر (نت) عام 1896م، أي في نفس عام ظهور الكتاب.

لم يكن "هرتزل" أول مَن صاغ الفكر الصهيوني داعيًا إلى إقامة دولة لليهود، فقد سبقه مثلاً "موسى هس" في كتابه "روما والقدس" عام 1862م، الذي بيَّن فيه رأيه في القومية اليهودية كحل للمشكلة اليهودية.

كما ألَّف "ليو بينسكر" أيضًا كتابه "التحرر الذاتي" عام 1882م ينادي فيه بوطن قومي لليهود، ولكن "هرتزل" بلور تلك الأفكار جميعها، وحدد الأهداف الأساسية للحركة الصهيونية مقترحًا أفضل الوسائل لتنفيذها.

ولا شك أن ثقافة "هرتزل" القانونية والمسرحية كان لها أثر على صياغة أفكاره، فلقد أعطته الثقافية القانونية نظرة خاصة للقضايا العامة جعلته يحرص على توفير الشكل القانوني للأمور، أما ثقافته المسرحية فنجدها في فصول الكتاب المرتبطة الحلقات، المتسقة الألوان، مع شيء من الخيال لاستكمال جوانب الصورة.

لقد نجح "هرتزل" في طرح أفكاره، وفي عرض كل التفاصيل الدقيقة لسد الطريق على أية معارضات لخطته، فأثار النقاط الكبرى: كاللغة، والقوانين، والجيش، وإنشاء الجمعية اليهودية، وتشكيل الشركة اليهودية، وشراء الأراضي إلخ.

كما تطرق إلى كيفية تصفية أعمال المهاجرين ونقلهم وبضاعتهم، وكيفية التعامل معهم، وما يحميهم من الاستغلال، ووسائل الرفاهية، والمساكن التي تعد لهم، مما يدل على قناعته العميقة بالفكرة، وحرصه على نجاحها.

كانت فكرة "هرتزل" أن يمنح اليهود أرضًا يتجمعون فيها، ويهاجر إليها المضطهدون من يهود العالم لتكون وطنًا قوميًّا لهم، ولتحقيق ذلك اقترح تأسيس وكالة يهودية تتولى الأعمال التحضيرية الخاصة بأعمال التنظيم والمفاوضات السياسية، وإنشاء شركة يهودية تكرِّس جهودها لدراسة مختلف المسائل المالية والاقتصادية الخاصة بتنفيذ الاقتراح، ولم تكن ردود الفعل الأولى للكتاب مشجعة؛ إذ أكسبه عددًا غير كبير من الأنصار، ولكن حماس "هرتزل" لفكرته كان كبيرًا، فسعى بكل قوة لتحقيق ما اقترحه.

ترجع أهمية كتاب "الدولة اليهودية" إلى أمور، منها:

1- إن الكتاب نقل المسألة اليهودية من قضية تخص اليهود أو محلية تتعلق بالوطن الذي يعيش فيه اليهود -سواء كان روسيًّا أو ألمانيًّا أو غيرها- إلى قضية سياسية عالمية، فلم تعد مواجهة تلك المشكلة تعود إلى السلطات المحلية في كل بلد على حدة، بل أصبحت مسئولية عالمية على كل دولة مناقشتها، والمشاركة في إيجاد الحلول لها.

لقد جعل "هرتزل" اليهود لا يخشون من آثار ظهور حركة دولية تتبنى مطالبهم القومية، فلم يعودوا يعيشون في الجيتو أو يتوارون في الأركان، لقد أعطاهم "هرتزل" الشعور بأن عالمًا بأسره بدأ ينحاز إلى قضيتهم.

2- إن اليهود لم يكونوا يعتبرون شعبًا قبل ظهور الكتاب، حيث كانوا أقليات منطوية على نفسها في معظم بلدان أوروبا، فجاء الكتاب كي يحاول القضاء على انعزالهم وتشتتهم، ويجعل منهم شعبًا، ولم يكن لهم دولة فحدثهم هرتزل عن دولة مرتقبة، أي أن الكتاب جعل اليهود شعباً، وجعل لهذا الشعب دولة.

3- إن اليهود وجدوا أمامهم لأول مرة في تاريخهم دليل عمل يحدد لهم معالم الطريق، يطرح المشكلات ويقدم لها الحلول، فلم يكن الكتاب مجرد نظرية متناثرة أو شطحات، بل كان دليلاً للعمل الصهيوني تسير على خطاه حتى يتم بناء الدولة اليهودية.

لقد اهتم "هرتزل" في كتابه بإيجاد حلول للمشكلات المختلفة التي يمكن أن تواجِه المهاجرين سواء في البلد المهاجرين منها أو إليها، ليس فقط من أجل طمأنة المهاجرين على أموالهم وممتلكاتهم في أوطانهم الأصلية أو بعد وصولهم إلى الوطن المرتقب، بل أيضًا من أجل توفير الظروف المناسبة لنجاح الخطة، وإيجاد البدائل المختلفة، وهو ما نجح "هرتزل" في طرحه إلى حد كبير.

ونلاحظ على كتاب الدولة اليهودية أمرين هامين:

أولهما: إن "هرتزل" لم يجد غضاضة في الاعتراف بالدولة اليهودية كرأس حربة لأوروبا في نظير ضمان لوجودها، حيث يقول في الكتاب: "ومن هناك سوف نشكل جزءًا من استحكامات أوروبا في مواجهة آسيا كموقع أمامي للحضارة في مواجهة البربرية، وعلينا -كدولة طبيعية- أن نبقى على اتصال بكل أوروبا التي سيكون من واجبها أن تضمن وجودنا" (راجع مقدمة أ.د.عادل غنيم لكتاب الدولة اليهودية لتيودور هرتزل، ترجمة محمد يوسف عدس ومراجعة ودراسة أ.د. عادل حسن غنيم ط. دار الزهراء للنشر ط.1414هجريا -1944م ص 11).

وقد كرر "هرتزل" هذا المعنى في أكثر من موضع، فعندما يتحدث عن إنشاء الشركة اليهودية يؤكد أنها سوف تكون تحت حماية لإنجلترا؛ مما يوضح أن اليهود كانوا يعرفون جيدًا أنهم غير قادرين -رغم أموال رجال الأعمال اليهود وإمكانياتهم- على القيام وحدهم ببناء الدولة المنتظرة، وأنه لابد من الاعتماد على الدول الأوروبية الاستعمارية لدعم قيام هذه الدولة وحمايتها في المستقبل.

ثانيهما: إن فلسطين بالذات لم تكن هي الأرض المقصودة دون غيرها لتكون وطنًا لليهود أو أرض الميعاد، بل كان المراد فلسطين أو غيرها؛ يدل على ذلك مناداة "هرتزل" في المؤتمر الصهيوني السادس عام 1903م باختيار أوغندا مقرًّا للوطن القومي اليهودي، وكان ذلك اقتراحًا إنجليزيًّا رغم قرار المؤتمر الصهيوني الأول في بازل 1897م بإنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين، ومن قبل اقترح البارون "هيرش" إقامة الدولة اليهودية في الأرجنتين.

ويلاحظ أن الصهيونيين لم يقوموا بطبع كتاب "الدولة اليهودية" -أي طبعة أخرى- لسنوات طويلة إلا طبعة في عام 1936م، خشية تنبه العرب للمخططات الصهيونية التي كانت تهدف إلى انتزاع فلسطين بعد إغراقها بموجات متتابعة من المهاجرين اليهود من مختلف بقاع العالم.

أما بعد أن قويت شوكة اليهود، وأعلن "بن جوريون" في تل أبيب عام 1942م أنه بالفعل تم بناء وطن قومي لليهود تحت رعاية ودعم الحكومة البريطانية، وأن الصهيونية وضعت خططها الأخيرة لتصبح فلسطين دولة يهودية - صدرت طبعات جديدة للكتاب في أعوام 1943م، و1946، و1972م، و1988م.

وللأسف لم يطبع الكتاب باللغة العربية إلا في التسعينيات من القرن العشرين رغم أهمية هذا الكتاب بالنسبة للعرب؛ لما فيه من الدعوة للاستيلاء على فلسطين -أو غيرها-، ووضع التخطيط لتحقيق ذلك.


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

السبت 19 أبريل 2014, 8:02 pm
صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (4)

جهود "هرتزل" لإقامة دولة يهودية

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلم يقتصر "هرتزل" على إصدار كتابه: "الدولة اليهودية" الذي يبين فيه دعوته لإنشاء وطن ليهود العالم، ويضع فيه المخطط لتنفيذ ذلك، ويقدِّم الحلول للمشاكل والعقبات التي قد تواجه اليهود عند تطبيق فكرته، لكنه منذ أن أصدر كتابه قام باتصالات ومقابلات عديدة مع مختلف السياسيين والمسئولين في العالم ممن يرتجي منهم خيرًا لمشروعه أو ممن يمكنهم أن يقدِّموا له دعمًا ومساندة.

فقابل "قيصر" ألمانيا، و"البابا" في روما، والسلطان العثماني "عبد الحميد الثاني"، ووزير خارجية بريطانيا، ووزير داخلية روسيا، وغيرهم كثير، إلى جانب علاقاته واتصالاته بزعماء الصهيونية, ورجال المال اليهود في العالم.

وقد كان "هرتزل" حريصًا على تحقيق فائدة لفكرته في كل مقابلة يقوم بها، حيث حصل على وعد من هنا، ودعم من هناك، مستخدما كل الوسائل التي تمكِّنه مِن تحقيق هدفه، شريفة كانت أو غير شريفة، بدون فتور أو يأس، تشهد لذلك مذكراته اليومية التي كتبها بنفسه وتطرق فيها إلى تفاصيل نشاطه الدءوب.

وبناءً على دعوة مِن "هرتزل" لأقطاب الجاليات اليهودية في العالم تم عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة "بال" بسويسرا في أغسطس 1897م، ثم تلته خمسة مؤتمرات سنوية صهيونية أخرى شهدها "هرتزل" قبل وفاته، وكان المؤتمر الصهيوني الثاني في أغسطس 1898م في مدينة "بال" أيضًا.

أما المؤتمر الثالث فكان في أغسطس 1899م، أما الرابع فكان في أغسطس 1900م بمدينة "لندن"، والخامس في ديسمبر 1901م بمدينة "بال"، والسادس في أغسطس 1903م، وقد توفي "هرتزل" في 3 يوليو 1904م حيث دفن في "فيينا"، لكن رفاته نقل إلى مكان مجاور لمدينة القدس عام1949م، وما زال اليهود في إسرائيل إلى الآن يحتفلون رسميًّا بوفاته في شهر يوليو من كل عام.

"هرتزل" والسلطان "عبد الحميد الثاني":

استطاع زعيم الحركة الصهيونية العالمية "تيودور هرتزل" الحصول على تأييد دول أوروبا للمسألة اليهودية، وجعلها قوة ضغط على الدولة العثمانية -التي تقع أرض فلسطين تحت يدها- لمقابلة "هرتزل" للسلطان "عبد الحميد" وطلب فلسطين منه.

ولما كانت الدولة العثمانية تعاني من مشاكل اقتصادية سيئة مكنت الدول الأوربية الدائنة من وضع بعثة مالية أوروبية في تركيا للإشراف على أوضاعها الاقتصادية ضمانًا لدينها؛ كانت هذه هي الثغرة أمام "هرتزل" كي يؤثر على سياسة السلطان العثماني تجاه اليهود.

يقول "هرتزل" في هذا المجال: "إن نحن حصلنا على فلسطين، سندفع لتركيا كثيرًا أو سنقدم عطايا كثيرة لمن يتوسط لنا، ومقابل هذا نحن مستعدون أن نسوي أوضاع تركيا المالية، سنأخذ الأراضي التي يمتلكها السلطان ضمن القانون المدني" (اليهود والدولة العثمانية د.أحمد نوري النعيمي).

قام "هرتزل" بزيارة القسطنطينية في يونيو 1896م يرافقه صديقه "نيولنسكي" رئيس تحرير "بريد الشرق"، والذي كانت له علاقة ودية مع السلطان، فنقل "نيولنسكي" عَرض "هرتزل" إلى قصر "يلدز".

وبعد حوار بينهما قام السلطان "عبد الحميد" بإرسال رسالة إلى "هرتزل" بواسطة صديقه "نيولنسكي" جاء فيها: "انصح صديقك هرتزل ألا يتخذ خطوات جديدة حول هذا الموضوع؛ لأني لا أستطيع أن أتنازل عن شبر واحد من الأراضي المقدسة؛ لأنها ليست ملكي، بل هي ملك شعبي، وقد قاتل أسلافي من أجل هذه الأرض، ورووها بدمائهم؛ فليحتفظ اليهود بملايينهم!" (المصدر السابق: ص120).

وبعد إخفاق وساطة "نيولنسكي" اتجه "هرتزل" إلى "وليم الثاني" إمبراطور ألمانيا، صديق السلطان العثماني وحليفه الوحيد في أوروبا؛ إلا أن مساعيه لم تكلل بالنجاح.

وبعد سنتين مِن الاحتكاك المباشر مع موظفي قصر "يلدز" الكبار تمكن "هرتزل" من مقابلة السلطان "عبد الحميد" لمدة ساعتين، حيث اقترح "هرتزل" قيام البنوك اليهودية الغنية في أوروبا بمساعدة الدولة العثمانية لقاء السماح بالاستيطان اليهودي في فلسطين، مع وعد بتخفيف الديون العامة للدولة العثمانية منذ 1881م.

وقد تعمد السلطان "عبد الحميد" أن يرخي لـ"هرتزل" في الكلام كي يدفعه أن يتحدث بكل ما يخطر في مخيلته من أفكار ومشروعات ومطالب، فتعرَّف منه على حقيقة الخطط اليهودية، وتعرف على مدى قوة اليهود العالمية؛ مما جعل "هرتزل" يظن أنه نجح في مهمته، وقد وعد "هرتزل" السلطان "عبد الحميد" أن يحتفظ بحواره معه سريًّا، ولكن "هرتزل" أدرك في نهاية اللقاء أنه قد أخفق في مهمته، وأنه يسير مع السلطان العثماني في طريق مسدود. (المصدر السابق: ص 141- 143).

وقد كتب السلطان "عبد الحميد" في مذكراته السياسية عن لقائه مع "هرتزل" فقال: "لن يستطيع رئيس الصهاينة هرتزل أن يقنعني بأفكاره، وقد يكون قوله: ستحل المشكلة اليهودية يوم يقوى فيها اليهودي على قيادة محراثه بيده صحيحًا في رأيه، وأنه يسعى لتأمين أرض لإخوانه اليهود، لكنه ينسى أن الذكاء ليس كافيًا لحل جميع المشاكل... لن يكتفي الصهاينة بممارسة الأعمال الزراعية في فلسطين، بل يريدون أمورًا، مثل: تشكيل حكومة، وانتخاب ممثلين، إنني أدرك أطماعهم جيدًا، لكن اليهود سطحيون في ظنهم أنني سأقبل بمحاولاتهم، وكما أنني أقدر في رعايانا اليهود خدماتهم لدى الباب العالي فإني أعادي أمانيهم وأطماعهم في فلسطين" (المصدر السابق: ص 148).

وعن القدس كتب السلطان "عبد الحميد" فقال: "لماذا نترك القدس... إنها أرضنا في كل وقت، وفي كل زمان، وستبقى كذلك، فهي من مدننا المقدسة، وتقع في أرض إسلامية، لابد أن تظل القدس لنا" (العثمانيون في التاريخ والحضارة د.محمد حرب).

أما "هرتزل" فكتب يقول: "أقر على ضوء حديثي مع السلطان عبد الحميد الثاني أنه لا يمكن الاستفادة من تركيا إلا إذا تغيرت حالتها السياسية عن طريق الزج بها في حروب تهزم فيها، أو عن طريق الزج بها في مشكلات دولية، أو بالطريقين معًا في آن واحد" (اليهود والدولة العثمانية ص143).

ويعزز ذلك بقوله: "إني أفقد الأمل في تحقيق أماني اليهود في فلسطين، وأن اليهود لن يستطيعوا دخول الأراضي الموعودة ما دام السلطان عبد الحميد قائمًا في الحكم مستمرًا فيه" (المصدر السابق: ص158).

وقد شرع السلطان عبد الحميد في توجيه أجهزة الاستخبارات الداخلية والخارجية لمتابعة اليهود، واتخذ كل التدابير اللازمة في سبيل عدم بيع الأراضي إلى اليهود في فلسطين، وفي سبيل ذلك عمل جاهدًا على عدم إعطاء أي امتياز لليهود من شأنه أن يؤدي إلى تغلب اليهود على أرض فلسطين.

وفي محاولة يهودية أخرى مع السلطان "عبد الحميد" قام اليهودي الماسوني الكبير "قرة صوه" بمقابلة السلطان "عبد الحميد"، وعرض عليه هدية مالية كبيرة بصفته نائبًا عن الجمعية الماسونية مع قرض بلا فائدة مقابل السماح لليهود ببعض الامتيازات في فلسطين، ولكن السلطان رفض بشدة، وأظهر استياءه الشديد، وقد تبيَّن بعد ذلك أن الجمعيات الماسونية هي مِن التنظيمات السرية التي تعمل لخدمة المصالح اليهودية وتحت إشرافهم (مذاهب فكرية في الميزان د.علاء بكر).

ولما يئست الصهيونية العالمية مِن استجابة السلطان "عبد الحميد" لمطالبها سعت إلى التخلص منه؛ فدعمت أعداءه من المتمردين الأرمن، ومِن القوميين في البلقان، وناصرت الحركات الانفصالية عن الدولة العثمانية.

وأنشأ الماسونيون جمعية الاتحاد والترقي "تركيا الفتاة"، وأمدوها بالمال والدعاية، وكان أعضاؤها يلتقون بزعماء المحافل الماسونية، ويتلقون منهم التوجيهات، حتى نجحت في القيام بانقلاب عسكري في اسطنبول لخلع السلطان "عبد الحميد" بحجة عدم الاستجابة للأصوات المنادية بالإصلاح، وأجبروا السلطان على التنازل عن الحكم.

وقد كتب السلطان وثيقة بخط يده مِن منفاه نشرت حديثًا أن الماسونيين في جمعية الاتحاد والترقي خلعوه؛ لأنه لم يوافق على التنازل عن أرض فلسطين لأطماع اليهود (الوجودية وواجهتها الصهيونية، د.محسن عبد الحميد).

وفي عام 1900م عقد المؤتمر الصهيوني الرابع في لندن؛ للتأثير على الرأي العام البريطاني لمساعدة اليهود الصهاينة، وقد اجتمع "هرتزل" مع وزير خارجية بريطانيا في محاولة للحصول على تأييد بريطانيا لليهود، وفي عام 1903م وافق "هرتزل" على فكرة وزير المستعمرات البريطانية باستيطان اليهود لهضبة قريبة من نيروبي عاصمة كينيا، مع وعد بالاستقلال الذاتي وتعيين حاكم يهودي.

وقد تعرض "هرتزل" للنقد الشديد في المؤتمر الصهيوني السادس في "بازل" بسبب موافقته على إقامة وطن لليهود خارج فلسطين، وقرر المؤتمر عدم قبول إنشاء وطن يهودي في إفريقيا إلا كملجأ مؤقت.

وفي 1903م فاوض "هرتزل" وزير داخلية روسيا على التصريح بهجرة اليهود الروس إلى خارج روسيا مقابل إيقاف حملة الدعاية اليهودية ضد روسيا، كما أخذ موافقة وزير روسيا على إنشاء فرع للبنك اليهودي.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

السبت 19 أبريل 2014, 8:02 pm
صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (5)

الحركة الصهيونية والمعاداة للسامية

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فعندما بدأت الحركة الصهيونية الحديثة في الظهور كان الشعور المعادي لليهود المعروف باسم: "اللا سامية" قد ضعف بعد دخول أوروبا عصر النهضة، وتبنيها للفكر القومي، وانتشار أفكار الثورة الفرنسية الداعية إلى المساواة والإخاء والحرية؛ فلم يعد الاضطهاد لليهود -خاصة في أوروبا الغربية- إلا ذكريات بعيدة من ذكريات القرون الوسطى التي اضطهدت فيها كل الطوائف الدينية الأوروبية بعضها البعض كما اضطهد اليهود؛ لذا قطع اليهود الأوروبيون أشواطـًا بعيدة -مثلهم مثل سائر الأقليات الدينية- في الاندماج في المجتمعات الأوروبية الغربية.

أما اليهود الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا فقد وجدوا هناك مجتمعًا ناشئًا مؤلفًا من كل الأعراق يسهل على كل من رغب الاندماج فيه؛ لذا لم تجد الحركة الصهيونية عند نشأتها غير يهود روسيا وأوروبا الشرقية لتنشر فيهما دعوتها.

لقد كان أغلب المائتي شخص الذين أسسوا الحركة الصهيونية في المؤتمر الصهيوني الأول في "بال" بسويسرا مِن يهود روسيا وأوروبا الشرقية، واستمر الحال على ذلك سنينًا طويلة بعد ذلك؛ لذا كان أغلب اليهود الذين استطاعت الحركة الصهيونية نقلهم إلى أرض فلسطين في الثلث الأول من القرن العشرين هم من اليهود الروس والأوروبيين الشرقيين.

وقد اتجه زعماء الحركة الصهيونية لتحقيق هدفهم في تهجير اليهود إلى أرض فلسطين من أوروبا إلى استثمار بقايا النظرة العدائية القديمة لليهود في أوروبا، والاستفادة منها ولو بإحيائها أو ترديد حججها وأقوالها، فكانت الحركة الصهيونية تردد نفس الأقوال التي يسوقها "اللا ساميون" ضد اليهود مِن أن اليهود عرق واحد، وأنه لا ولاء حقيقي لليهود في الأوطان التي يعيشون فيها، وأنه لا مجال لاندماجهم التام فيها، وأن العداء لليهود شعور ثابت في العالم الأوروبي، ولا حل لذلك إلا بفصل اليهود عن سواهم.

ومِن هنا كان الترحيب كل الترحيب مِن المعادين للسامية بهذه الدعوة اليهودية الصهيونية الجديدة التي أتت لتؤكد صحة أقوالهم وتبررها!

لقد راهن "هرتزل" ومِن بعده زعماء الحركة الصهيونية على الاستفادة من "اللا سامية" لتحقيق أهدافهم، واعتبروا أن الدول التي فيها بقايا النظرة "اللا سامية" ستكون في المستقبل الحليف الموضوعي للحركة الصهيونية؛ فقد ادعي "هرتزل" أن قضية الضابط اليهودي الفرنسي "درايفوس" وما تلاها مِن العداء من جديد لليهود في فرنسا هي التي جعلته يتبنى الفكرة الصهيونية، ويكتب كتابه "الدولة اليهودية"، وفي نفس الوقت نجد "هرتزل" يستغل هذا العداء لليهود لتحقيق فكرته في الترويج لتهجير اليهود من أوروبا إلى أرض يقيمون عليها دولتهم الاستعمارية بعيدًا عن أوروبا، فيكون ذلك حلاً للمسألة اليهودية يرضي أوروبا ويرضي اليهود معًا، وهكذا يلتقي هدف الحركة الصهيونية مع أقطاب المعاداة للسامية في أوروبا.

يقول "هرتزل" لأحد محاوريه من الألمان: "إني أتفهم اللا سامية فنحن اليهود بقينا أجسامًا أجنبية داخل مختلف الأمم، وإن لم يكن الخطأ خطأنا!" (تاريخ المسألة الفلسطينية، فيصل أبو خضرا ص48).

وفي عام 1903م قابل "هرتزل" وزير داخلية قيصر روسيا بلهيف، وهو من أشهر "اللا ساميين" الروس في عصره وأخطرهم، بل هو المنظم لأعمال العنف ضد اليهود في مدينة "كيشينيف"، في ذلك الوقت للتنسيق معه.

وكانت روسيا قد شهدت عام 1881م أعمال عنف ضد اليهود بعد اغتيال القيصر "الكسندر الثاني"، وتحميل النظام القيصري اليهود مسئولية اغتياله، وقد امتدت هذه الموجة العدائية إلى سقوط النظام القيصري في بداية القرن العشرين.

قضية الضابط "درايفوس":

ترجع قضية الضابط اليهودي "ألفريد درايفوس" إلى عام 1894م، حيث اُتهم هذا الضابط بالتجسس وبيع بعض الوثائق العسكرية الفرنسية لألمانيا، وقدِّم للمحاكمة التي أدانته؛ مما أثار ثائرة الرأي العام الفرنسي ضد اليهود، وقد حاول اليهود بشتى الوسائل الممكنة مساعدة هذا الضابط وتبرئته مما نسب إليه حتى استطاعوا بعد عشر سنوات من إعادة محاكمته والحصول على الحكم ببراءته.

وكان الغرض من ذلك إنقاذ اليهود من غضب الشعب الفرنسي، فاستغل "هرتزل" هذه الحادثة وما فيها، وألـَّف كتابه "الدولة اليهودية" داعيًا إلى تأسيس دولة يهودية على طريقة أوروبا الاستعمارية يهاجر إليها المضطهدون من يهود العالم!

أما يهود أوروبا الغربية وأمريكا فقد هالهم أن يتحملوا عبء الحركة الصهيونية الناشئة التي تلتقي في طرحها وهدفها -ولو من منطلقات مختلفة- مع أعداء السامية، فتحيي هذا العداء، وتسعى إلى منع اندماجهم في أوطانهم التي يعيشون فيها، وتعمل على نقلهم في جماعات إلى أرض جديدة، تكون وطنًا خاصًّا بهم.

لذا لم يحب هؤلاء اليهود الغربيون هذه الحركة ولم يتفاعلوا معها، إلا بعد أن نجح زعماء الحركة الصهيونية في استغلال ظهور النازية في ألمانيا، ودفع اليهود إلى الفرار إلى فلسطين؛ بدعوى معاداة النازية للسامية.


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

الخميس 01 مايو 2014, 11:36 am
صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (6)

مؤتمرات وبروتوكولات صهيون

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد كانت الحركة الصهيونية قبل "هرتزل" أشبه بجمعية خيرية، فجاء "هرتزل" فبلور فكرها، ووضع الخطة العملية لإقامة دولة يهودية، ثم سعى لتنفيذ هذه الخطة؛ حيث وجَّه "هرتزل" الدعوات للجاليات اليهودية في العالم لحضور مؤتمر يهودي يتم فيه وضع البرنامج العملي للحركة الصهيونية، وصار هذا المؤتمر يعقد سنويًّا لمتابعة تنفيذ ما وضع مِن برامج وتوصيات.

المؤتمرات الصهيونية:

- عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل "بال" بسويسرا في أغسطس 1897م، وشهده عدد كبير من اليهود "قرابة المائتين" يمثلون الهيئات اليهودية العالية، وكان أغلبهم من يهود روسيا وأوروبا الشرقية ، وفيه تم وضع برنامج الحركة الصهيونية.

وتلخصتْ توصيات المؤتمر الأول في:

1- تنظيم الحركة اليهودية واتحاد هيئاتها المتفرقة في شتى أنحاء العالم.

2- إيقاظ الوعي اليهودي.

3- القيام بمساعٍ لدى مختلف الحكومات؛ للحصول على موافقتها على أهداف الحركة الصهيونية.

وتنفيذًا لهذه التوصيات تأسست "الشركة اليهودية لدولة اليهود"، والتي اُعتبرت الإدارة المركزية لجميع الهيئات اليهودية، وأصبح صهيونيًّا كل مَن يعتنق المبادئ التي وضعت في مؤتمر "بازل"، ويلزمه أن يدفع اكتتابًا سنويًّا رمزيًّا "قدره شلن واحد"؛ للمساهمة في نفقات الهيئة التنفيذية.

وقد كتب "هرتزل" بعد المؤتمر في صحيفته بـ"فيينا" يقول: "وطلب إليَّ أن ألخص أعمال مؤتمر بازل فإني أقول، بل أنادي على رؤوس الأشهاد أنني أسستُ الدولة اليهودية".

- عقد المؤتمر الثاني في بازل "بال" بسويسرا في أغسطس 1898م، وأسفر عن إنشاء بنك اعتبر الإدارة المالية للشركة اليهودية، وحدد لرأس ماله مليون جنيه إسترليني.

- عقد المؤتمر الصهيوني الثالث في "بازل" في أغسطس 1899م، وفيه تمتْ مناقشة ميثاق الصهيونية العالمية، ومناقشة سياسة الصندوق المالي للاستيطان.

- عقد المؤتمر الرابع في لندن في أغسطس 1900م، وجاء الاجتماع في لندن للتأثير على الرأي العام البريطاني، وقد اجتمع "هرتزل" مع وزير خارجية بريطانيا في محاولة للحصول على تأييد بريطانيا لأماني اليهود.

- عقد المؤتمر الخامس في "بازل" في أغسطس 1901م، وفيه ظهرت الدعوة إلى الاهتمام بالثقافة العبرية تمهيدًا لإنشاء وطن اليهود القومي، واقترح تأسيس جامعة عبرية وتقرر إنشاء بنك لتمويل شراء أراضٍ في فلسطين؛ لتهجير اليهود إليها.

- في عام 1902م حاول "هرتزل" الحصول على فرمان مِن السلطان العثماني "عبد الحميد" بمنح اليهود أرضًا للهجرة إليها في فلسطين، مع منحهم شبه استقلال ذاتي، ولكن السلطان "عبد الحميد" رفض مطلب "هرتزل" بعد أن اكتشف المؤامرة الصهيونية كاملة.

- وفي عام 1903م فاوض "هرتزل" وزير داخلية روسيا على التصريح بهجرة اليهود إلى خارج روسيا مقابل إيقاف حملة الدعاية اليهودية ضد روسيا، كما أخذ موافقة وزير مالية روسيا على إنشاء فرع للبنك اليهودي، ووافق "هرتزل" على عرض وزير المستعمرات البريطانية باستيطان اليهود لهضبة قريبة من نيروبي عاصمة كينيا، مع وعد بالاستقلال الذاتي، وتعيين حاكم يهودي.

- عقد المؤتمر الصهيوني السادس في "بازل" بسويسرا في أغسطس 1903م، وهو آخر مؤتمر صهيوني شهده "هرتزل" قبل موته، وفيه تعرض "هرتزل" للنقد الشديد بسبب موافقته على إقامة وطن يهودي خارج فلسطين، وقرر المؤتمر عدم قبول إنشاء وطن لليهود في إفريقيا إلا كملجأ مؤقت.

وقد زار "هرتزل" بنفسه القاهرة في ربيع 1903م في إطار حرصه على تجميع جهود اليهود في كل مكان لإقامة دولتهم، ورحبت به الجالية اليهودية الرأسمالية في مصر وقتها.

وقد توفي "هرتزل" في يوليو 1904م، ولكن المؤتمرات الصهيونية توالت بعد ذلك في بازل، وفي لاهاي، وهامبورج، وفيينا، وبراج، وزيورخ، وجينيف، ولما أقام اليهود دولتهم على أرض فلسطين عقد المؤتمر الثالث والعشرين في القدس في عام1951م، وقد تولى "حاييم وايزمان" زعامة الحركة الصهيونية بعد وفاة "هرتزل".

بروتوكولات حكماء صهيون:

هذه البروتوكولات يعتقد أنها بعض مقررات -أو محاضر جلسات- المؤتمر اليهودي الأول، وقد سُرقِت مِن أحد زعماء اليهود ثم نشرت، وقد تولى نشرها لأول مرة الروسي "سرجي نيلوس" في روسيا عام 1902م بعد عام واحد من وصولها إليه.

وهذه البروتوكولات وإن لم يعرف مصدرها الحقيقي على وجه اليقين، ورغم زعم البعض أنها وثائق مزيفة وضعتها أجهزة البوليس الروسي السرية، ونسبتها للمؤتمر الصهيوني الأول بغية الإيهام بوجود مؤامرة يهودية صهيونية؛ إلا أن الأحداث التي جرت بعد ظهورها -وتجري حتى الآن- تؤيد وترجح صحة نسبتها إلى زعماء اليهود، بل يرى البعض أنها مِن الحقائق المسلَّم بها، خاصة مع محاولات اليهود منع طبعها ونشرها.

ومن أمثلة ذلك: مصادرة طبعة لها باللغة الفرنسية نشرت في روسيا عام 1917م، ومعلوم أن قادة الحركة البلشفية في روسيا كانوا من الموالين لليهود.

ومَن يقرأ البروتوكولات الأربع والعشرين جميعها يتبين له ما يخطط له اليهود ويسعون إليه مِن الإفساد في الأرض والعلو فيها، مما يوافق ما عرف عنهم مِن عنصرية وحب الإفساد للشعوب من غير اليهود؛ ولهذا فهي أولى بما احتوته أن تسمى: "بروتوكولات خبثاء -أو سفهاء صهيون!".


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

الخميس 01 مايو 2014, 11:36 am
صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (7)

الحركة الصهيونية والحرب العالمية الأولى

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد عمدت الحركة الصهيونية إلى كسب تأييد الدول الأوروبية لمشروعها الرامي إلى إنشاء دولة لليهود في أرض فلسطين، وكانت بريطانيا في مقدمة هذه الدول الأوروبية حيث كانت في مقدمة الدول الأوروبية الاستعمارية وقتها.

ولهذا انعقد المؤتمر الصهيوني الرابع في لندن عام 1900م للتأثير على الرأي العام البريطاني للتعاطف مع مطالب الحركة الصهيوني.

وفي عام 1908م انعقد في لاهاي مؤتمر صهيوني تقرر فيه مطالبة بريطانيا بالتدخل لدى الدولة العثمانية للسماح لليهود بالهجرة إلى أرض فلسطين، وكانت إنجلترا وقتها تخطط مع دول أوروبا الاستعمارية للسيطرة على الدول العربية الواقعة تحت السيطرة العثمانية، وإعادة تقسيمها بما يخدم مصالحها.

وفي عام 1914م بدأت الحرب العالمية الأولى بيْن دول المحور: "ألمانيا والنمسا، ومعهما تركيا", وبين دول الحلفاء: "إنجلترا وفرنسا وروسيا، ومعهم أمريكا"، وقد سعت إلي هذه الحرب وخططت لها دول أوروبا الاستعمارية لإسقاط تركيا -التي كانوا يطلقون عليها الرجل المريض- للاستيلاء على ما تحت نفوذها من الدول العربية.

ويرى البعض أيضًا أن الماسونية العالمية كانت تخطط لمثل هذه الحرب الكبرى للإطاحة بالحكم الملكي في روسيا، وجعل روسيا معقلاً للشيوعية، لتنطلق منها الشيوعية إلى أرجاء الأرض لتدمير المعتقدات الدينية والمبادئ الأخلاقية، تمشيًا مع المخططات اليهودية التي تتبناها الماسونية (راجع الماسونية في مذاهب فكرية في الميزان د.علاء بكر).

وقد سعت الحركة الصهيونية إلى المشاركة في الأحداث والاستفادة منها في تحقيق مشروعها:

ففي الجانب العسكري تم تشكيل فيلق يهودي انضم إلى فرق النقل في الجيش البريطاني، وقد تم تسريحه في عام 1916م، كما انضمت فصائل من اليهود إلى جيش اللورد اللنبي التي غزى فلسطين ودخلها في نهاية الحرب، وشاركت قوات من اليهود في غزو سوريا ولبنان مع قوات الحلفاء، ولما استولى اللورد "اللنبي" على القدس في 8 ديسمبر 1917م ثم دمشق توجه إلى قبر "صلاح الدين" -رحمه الله-، وقال متفاخرًا: "ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين!".

كما برز عدد من القادة اليهود في هذه الحرب، مثل: الكولونيل "باترسون" اليهودي الذي قاد اللواء المقاتل في "الدردنيل" عندما أراد الحلفاء فتح الطريق هناك إلى روسيا، وكانت الاستفادة من تلك المشاركات بتدريب فئات من اليهود على الأعمال القتالية واكتساب الخبرات في هذا الشأن (راجع أضواء على الكيان الفلسطيني، تأليف عبد الله بلال ص 32-33).

كما قدمت المؤسسات المالية اليهودية -خاصة في أمريكا- المساعدات المالية لبريطانيا، وفرنسا، ضد ألمانيا أثناء الحرب.

كما كان لأعضاء من منظمة "بناي برث" -وتعني أبناء العهد- اليهودية نشاط جاسوسي كبير وراء الخطوط التركية في جبهة فلسطين، ومِن أشهر جواسيسها في تلك الأيام: "سيمي سيمون"، و"سوزي ليبرمان"، و"مدام شورسن"، و"كيمباس ليبرمان" (راجع في ذلك: مقدمة الأسرار الماسونية لجواد رفعت أتلخان ص11، وأساليب الغزو الفكري د. علي جريشة ومحمد شريف الزيبق ص 178-179، وللتوسع: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، ط. الثالثة ص530-534).

ولما ثار الروس ضد حكم القياصرة في روسيا نتيجة الظلم والاستبداد، وقامت الثورة البلشفية عام 1917م - تسلق أصحاب الفكر الشيوعي هذه الثورة، وكان أكثر قادتهم من اليهود، وقطفوا ثمارها، وحولوها إلى حركة شيوعية (راجع في ذلك الشيوعية وليدة الصهيونية لأحمد عبد الغفور عطار).

وقد توَّج اليهود مساعدتهم للحلفاء بقيام "حاييم وايزمان" بعد تعيينه رئيسًا لمعامل الأميرالية البريطانية بإنتاج مادة الأسيتون المستخدمة في صناعة المتفجرات.

حاييم وايزمان:

يهودي مِن مواليد روسيا البيضاء، ولد عام 1874م، انتقل إلى بريطانيا عام 1904م حيث استقر في مانشستر كأستاذ مساعد في جامعتها، حيث كان حاصلاً على الدكتوراه في العلوم بعد دراسة جامعية في ألمانيا وسويسرا، وعمل بعدها في جامعة جينيف.

شارك "وايزمان" في كل المؤتمرات الصهيونية، وكان ممن رفضوا مشروع "هرتزل" الداعي إلى إقامة دولة لليهود في أوغندا، مناديًا كغيره من اليهود الشرقيين إلى إقامة هذه الدولة على أرض فلسطين.

وقد سعى "وايزمان" للحصول على تعهد بريطاني بإقامة دولة يهودية في فلسطين ببناء شبكة من العلاقات السياسية في لندن مع صناع القرار البريطاني، وهو ما أسفر بعد ذلك عن وعد "بلفور" لليهود عام 1917م.

وبجهود "وايزمان" استطاع مكتب لندن الصهيوني الاتصال بالعديد من المسئولين اليهود وغير اليهود، منهم:

"هيربرت صموئيل" وهو: يهودي تسلم وزارة الداخلية البريطانية عام 1916م، ثم أصبح بعد ذلك أول مندوب سامٍ لبريطانيا في فلسطين بعد الانتداب البريطاني عليها.

"لويد جورج": أحد زعماء الحزب الليبرالي البريطاني الذي أصبح في ما بعد وزيرًا للذخائر، ثم وزيرًا للحربية، ثم تسلم رئاسة الحكومة البريطانية عام 1916م، ليصبح قائد بريطانيا في أوج الحرب العالمية الأولى، وليقود مفاوضات السلم بعد انتصار الحلفاء.

وفي ظل وجود "لويد جورج" في الحكم صدر وعد "بلفور"، وأدخل وعد "بلفور" ضمن وثيقة الانتداب البريطاني على فلسطين، ونال موافقة عصبة الأمم عليه، وتقبلته الدول الاستعمارية الكبرى الحليفة لبريطانيا، ومِن ثَمَّ أدخل حيز التنفيذ.

"آرثر بلفور": وهو الذي حمل "وعد بلفور" اسمه، وكان رئيسًا سابقًا للحكومة البريطانية، ثم صار وزيرًا للخارجية في حكومة الحرب التي رأسها "لويد جورج".

"مارك سايكس": الخبير في شئون الشرق الأوسط الذي أصبح أمينًا عامًّا لحكومة الحرب البريطانية، وكان حلقة الوصل بين المكتب الصهيوني في لندن وبين الحكومة البريطانية، وشارك في المفاوضات مع فرنسا وروسيا القيصرية التي انتهت باتفاقية "سايكس بيكو" المعروفة.

ومما ساعد على ارتفاع منزلة "حاييم وايزمان" عند الحكومة البريطانية توصله من خلال تجاربه الكيميائية إلى صنع مادة "الأسيتون" عن طريق التخمير الجرثومي.

وقد كان "للأسيتون" وقتها أهميته العسكرية في صنع المواد المتفجرة التي كانت تستعملها البحرية البريطانية، وهكذا عن طريق الأسيتون دخل "وايزمان" إلى وزارة البحرية البريطانية كمستشار -وكان وزير البحرية في حينها "ونستون تشرشل"-، وإلى وزارة الذخائر التي كان وزيرها "لويد جورج" نفسه، وهو في طريق صعوده إلى رئاسة الحكومة البريطانية.

وقد ذكر "لويد جورج" في مذكراته أن أحد أسباب دعمه للمشروع الصهيوني هي مساهمة "وايزمان" في إنتاج الأسيتون.

ولدوره الكبير أصبح "حاييم وايزمان" رئيسًا للمنظمة الصهيونية العالمية عام 1920م، ثم عين رئيسًا للوكالة اليهودية عام 1929م، ثم صار أول رئيس لدولة إسرائيل بعد إعلان قيامها عام 1949م، وحتى وفاته في عام 1952م.


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

الجمعة 09 مايو 2014, 8:20 am
صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (Cool

معاهدة "سايكس - بيكو" 1916م

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمعاهدة "سايكس بيكو" هي المعاهدة التي حددت مع الاتفاقيات التي تلتها مصير الشعوب العربية خلال القرن العشرين الميلادي وإلى اليوم، وحولتها إلى كيانات منفصلة عن بعضها البعض، وحالت دون قيام دولة عربية موحدة، ومهدت لفرض انتداب الدول الأوروبية الاستعمارية على تلك الكيانات بدلاً من منحها الاستقلال, ثم مكَّنت اليهود من دخول فلسطين واتخاذها وطنًا لليهود.

كانت بريطانيا بصفتها أكبر دولة أوروبية استعمارية في ذلك الوقت تسعى إلى تأمين الطريق البحري والبري إلى مستعمراتها الهندية، وإلى بسط نفوذها على المنطقة العربية؛ ولهذا وضعت يدها على شركة قناة السويس بشراء أسهم الخديوي إسماعيل عام 1875م، لتصبح هي المساهم الأكبر في شركة القناة، ثم سيطرت على مصر منذ عام 1882م، بالإضافة إلى مد نفوذها إلى الشاطئ الجنوبي من الجزيرة العربية، وحصول لندن على أول حق لها لاستخراج النفط في إيران عام 1909م.

- وكانت بريطانيا حريصة على أن يمتد نفوذها إلى العراق والشام "وخاصة فلسطين"؛ لقربها من قناة السويس التي أصبحت العصب البحري الحيوي للإمبراطورية البريطانية؛ ولموقعها المميز على البحر الأبيض المتوسط.

وخلال الحرب العالية الأولى كانت بريطانيا تتفاوض مع أطراف عديدة متناقضة المصالح والأهداف في وقت واحد، ومِن مقتضى نظرتها الاستعمارية ولتحقيق مصالحها تتفق مع كل طرف فيما يلائم مصالحها ومصالحه.

- كانت مصلحة بريطانيا القريبة هي الخروج من الحرب العالمية الأولى منتصرة، ومصلحتها التالية هي بسط نفوذها على أكبر قدر ممكن من المنطقة العربية بمناطقها وممراتها الإستراتيجية وثرواتها.

- فاوضت بريطانيا فرنسا حليفتها في الحرب، ووقَّعت معها اتفاقية "سايكس - بيكو" سرًّا، والتي بمقتضاها تتقاسم بريطانيا وفرنسا المنطقة العربية الموعودة بالاستقلال بعد هزيمة تركيا وتحرير هذه المنطقة العربية من قبضتها.

- وكانت فرنسا تعطي المنطقة العربية أهمية كبرى منذ حملة "نابليون" على مصر؛ لذا ساعدت "محمد علي" في تكوين دولته في مصر، وشقت قناة السويس، وأعطت نفسها صفة حماية الأماكن الكاثوليكية المقدسة، وحماية النصارى الشرقيين أبناء المذهب الكاثوليكي لما لها من امتيازات عند الدولة العثمانية؛ لذا كان مِن مصلحة فرنسا بسط نفوذها على الشام خاصة فلسطين بمقدساتها، إلى جانب تقاسم ثروات العرب مع البريطانيين.

فتم الاتفاق بينهما على:

- وضع البلاد السورية "سوريا ولبنان حاليًا" إضافة إلى الموصل تحت الحكم الفرنسي، وقد تركت بريطانيا الموصل لفرنسا لتجنب قيام حدود لها مشتركة مع روسيا القيصرية التي تم الاتفاق على منحها أجزاءً من شمال شرق الدولة العثمانية، ولكن بسقوط روسيا القيصرية عام 1917م، وظهور الثورة البلشفية فيها، وخروجها من الحرب مع الحلفاء - تخلت فرنسا عن الموصل لبريطانيا عام 1918م لتصبح العراق بأكملها لبريطانيا.

- وضع العراق ومنطقة شرق الأردن تحت الحكم البريطاني.

- تدويل معظم فلسطين مع وضع مرفأي: "حيفا وعكا" تحت الحكم البريطاني.

وهذا التدويل لفلسطين كان عند بريطانيا حلاً مرحليًّا لحين توافر الظروف المناسبة للسيطرة على فلسطين ككل، فبريطانيا تدرك أهمية الأماكن المقدسة في فلسطين لفرنسا، بل تعلم أيضًا أن روسيا تعتبر نفسها الحامية للأرثوذكس في الشرق، أي أن فرنسا وروسيا لن تقبلا انفراد بريطانيا بالسيطرة على فلسطين بمفردها، كما أن تدويل فلسطين يؤدي إلى إبعاد فرنسا عن منطقة قريبة من قناة السويس ولها موقعها المميز على البحر الأبيض المتوسط.

ولما خرجت روسيا من الحرب بعد انتصار الثورة البلشفية في خريف 1917م, وغيابها عن الساحة أمكن لبريطانيا الاتفاق بعد ذلك مع فرنسا على وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وتعديل اتفاق "سايكس - بيكو" بما يلائم مصالح بريطانيا في مقابل موافقة بريطانيا على فرض شروط صلح قاسية على ألمانيا في أوروبا تلائم مصالح الأمن الفرنسي.

وقد كانت هذه الشروط القاسية التي تجسدت في معاهدة "فرساي" من أسباب صعود النازية بعد ذلك في ألمانيا، حيث أقام هتلر جزءًا كبيرًا من دعوته القومية على رفض شروط معاهدة "فرساي" التي فُرضت على ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، وقادت النازية ألمانيا وأوروبا إلى الحرب العالمية الثانية بعد ذلك.

وفاوضت بريطانيا "الشريف حسين" في الحجاز على أن يتحالف معها، ويشعل ثورة عربية ضد "تركيا" خلال الحرب العالمية الأولى في مقابل وعد مِن بريطانيا بإقامة دولة عربية له في الحجاز، والعراق، والشام "وفلسطين بالطبع جزء منها".

بعد وقوع الهزيمة لتركيا في الحرب وانحسار حكمها عن الأراضي العربي التي تحت يدها، وهو الوعد الذي لم توفِّ به بريطانيا بعد قيام "الشريف حسين" بثورته العربية ضد تركيا، رغم أن مساهمته العسكرية والسياسية والدينية كانت مِن أسباب هزيمة تركيا في الحرب.

كما فاوضت بريطانيا في نفس الوقت الحركة الصهيونية من خلال المكتب الصهيوني في لندن بشأن السماح بالهجرة اليهودية من كل مكان إلى أرض فلسطين؛ لإنشاء وطن قومي لليهود فيها، وهي المفاوضات التي أسفرت عن وعد "بلفور" في نوفمبر 1917م.

لقد أخلت بريطانيا بوعدها للشريف "حسين" ووفت لليهود بوعدها؛ لأنها رأت "وبنظرتها الاستعمارية" أن وجود مجتمع يهودي أوروبي قوي في فلسطين على مقربة من قناة السويس متحالف معها وخاضع لسيطرتها أضمن لمصالحها بكثير، بل وأشد ملائمة للدفاع عن مصالحها من الدولة العربية التي يسعى إليها "الشريف حسين".

وقد وُقِّعت اتفاقية "سايكس - بيكو" سرًّا في 1916م.

وقد سُميت بهذا الاسم نسبة إلى:

- المفاوض البريطاني "مارك سايكس": الذي شغل منصب الأمين العام لحكومة الحرب البريطانية، وكلفته حكومته بأن يكون حلقة اتصال بينها وبين المكتب الصهيوني في لندن، كما كلفته بالتفاوض مع فرنسا وروسيا القيصرية حول اقتسام المنطقة العربية، وذلك قبل أن تتضح نتائج الحرب بعد.

- المفاوض الفرنسي "جورج بيكو".

وقد وافقت روسيا القيصرية على هذه الاتفاقية، فلما قامت الثورة الروسية البلشفية عام 1917م وسقط الحكم القيصري فيها وُجدت هذه الاتفاقية بيْن وثائق سرية لروسيا القيصرية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى؛ فأذاعت الثورة الروسية هذه الاتفاقية وكشفت عن تفاصيلها.

لقد وضعت هذه الاتفاقية التي تقرر مصير المنطقة العربية بمعزل عن العرب أصحاب الشأن في المنطقة، فلم يكن لهم الحق في المشاركة فيها، وبقيت سرًّا محكمًا لا يعرفه أحد، حتى انكشف أمرها، بينما كانت القيادات اليهودية تشارك في الخفاء في دفع الأمور في اتجاه مشروعها الصهيوني بحكم علاقاتها داخل الدوائر البريطانية.


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

الخميس 15 مايو 2014, 6:14 pm
على فكرة المقالات دى حلوة اوى
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

الجمعة 06 يونيو 2014, 11:48 am
صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (9)

الثورة العربية ضد تركيا عام 1916م

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد سعت الماسونية العالمية، وهي أحد المنظمات التي تعمل في خدمة الأهداف اليهودية ويتحكم فيها اليهود إلى القضاء على الدولة العثمانية؛ لكونها العقبة الرئيسية أمام السماح بالهجرة اليهودية لأرض لفلسطين.

فكان مِن تخطيطها:

1- إبعاد السلطان "عبد الحميد" عن حكم تركيا؛ لذا تم تصوير السلطان على أنه مستبد في حكمه، يرفض دعاوى الإصلاح مِن خلال حملات دعائية منظمة، وأنشأت جمعية الاتحاد والترقي "تركيا الفتاة"، وتم إمدادها بالمال اللازم، وعمل الدعاية الواسعة للتعاطف معها، ولما تهيأت النفوس للتغيير تم خلع السلطان "عبد الحميد"، حيث قام أعضاء جمعية الاتحاد والترقي بانقلابهم في عام 1909م، وأجبروا السلطان "عبد الحميد" على التوقيع على وثيقة التنازل عن الحكم.

2- إضعاف تركيا عن طريق الزج بها في حروب تضعفها، وتضعف نفوذها على ما تحت يديها من البلاد، خاصة في المنطقة العربية، وكانت قمة هذه الوسيلة في مشاركة تركيا في الحرب العالمية الأولى بلا مبرر قوي للمشاركة فيها، وترتب على هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى فقدها لما تحت يديها من البلدان العربية في الشام، والعراق، والجزيرة العربية، والتي وقعت تحت النفوذ البريطاني الفرنسي بعد خروجها من التبعية لتركيا.

3- إثارة النعرات القومية داخل الدولة العثمانية، وتشجيع الحركات الانفصالية داخلها لتفتيتها، وذلك في اتجاهين متضادين:

الأول: إثارة الدعوة إلى القومية الطورانية في تركيا المنادية بأن تركيا للأتراك، وتقديمهم على مَن عداهم، فكانت جمعية تركيا الفتاة، والتي اتخذت من الدب شعارًا، وهو شعار الأتراك قبل الدخول في الإسلام.

الثاني: إثارة العناصر غير التركية: "كالعرب، والأكراد" ضد الأتراك بادعاء اضطهاد الأتراك لهم، وتقليل الأتراك من شأنهم، ومِن ثَمَّ تنمية مشاعر السخط والكراهية ضد الأتراك، واستغلال ظهور الدعوة إلى القومية الطورانية في تركيا، وهي مِن صنعهم في الوصول لهدفهم؛ مما مهد للحركة القومية العربية الانفصالية بعد ذلك. (راجع في ذلك: الماسونية في "مذاهب فكرية في الميزان" د.علاء بكر ط. مكتبة فياض - المنصورة - ص: 302-313).

الدعوة إلى القومية العربية:

ظهرت الحركة القومية العربية للتحرر من النفوذ العثماني في المنطقة العربية، وتركزت هذه الحركة في الشام والعراق، والتقت مع سعي "الشريف حسين" في الحجاز بإقامة دولة عربية مستقلة يحكمها، وكان "الشريف حسين بن علي" -شريف مكة- قد وسَّع نفوذه الديني والسياسي في الحجاز، وتعززت مكانته لدى الحركة القومية العربية في الشام والعراق، وقد طور "الشريف حسين" علاقاته مع الجمعيات القومية السرية في سوريا ولبنان.

كما بدأ في الاتصال ببريطانيا للتعرف على مدى استعدادها لدعمه ضد الأتراك، ومع بداية الحرب العالمية الأولى ودخول تركيا الحرب إلى جانب ألمانيا رأت بريطانيا ضرورة الاستفادة من "الشريف حسين" والحركة القومية العربية؛ حيث إن العرب سيشكلون ثقلاً بشريًّا وعسكريًّا في منطقتهم في حال ثورتهم، خاصة أن لـ"شريف مكة" مركزه الديني بين العرب.

وكانت بريطانيا تدرك دور العرب المساند لتركيا في الحرب إذا لم تتحالف بريطانيا مع العرب، ودعت تركيا الدول العربية التي تحت نفوذها للمشاركة في الحرب إلى جانبها، كما كانت بريطانيا تدرك خطر الحاميات التركية في الجزيرة العربية الذي قد يهدد قناة السويس، ويهدد خليج عدن، وحين ينقلب العرب على الأتراك ويتم القضاء على الحاميات التركية في الجزيرة العربية تفقد تركيا تلك المميزات، وتنشغل بمحاربة القوات العربية في الحجاز والشام، أي تعاني من مواجهة جبهة جديدة في الحرب تضعِف من قوتها العسكرية في مواجهة الحلفاء؛ لذا رأت بريطانيا ضرورة التفاوض مع "الشريف حسين" الذي حاول الاتصال بها للتحالف معها ضد تركيا من قبْل.

وتم تبادل الرسائل السرية بين الشريف "حسين بن علي" والمندوب السامي البريطاني في مصر "هنري مكماهون" بإشراف اللورد "كتشنر" وزير الحربية البريطاني إثر اندلاع الحرب العالمية الأولى، واستمرت الاتصالات بين الطرفين من يوليو 1915م وحتى نهاية يناير 1916م.

وقد كان "الشريف حسين" مصرًّا على التعهد الواضح الصريح من بريطانيا على الاستقلال العربي التام، والأخذ بحدود الدولة العربية المتوقعة كما يطمح هو إليها، ومن ورائه الجمعيات القومية العربية في سوريا والعراق، وأمام إصرار "الشريف حسين" على مطالبه، ولحاجة بريطانيا للثورة العربية ضد الأتراك، قام التحالف العرب البريطاني على الوعد "للشريف حسين" وفقًا لمطالبه.

وبناءً على قرار وزير الخارجية البريطاني السير "إدوارد جراي"، بعث "مكماهون" إلى "الشريف حسين" رسالته الشهيرة -"رسالة مكماهون"- المؤرخة في 24 أكتوبر 1915م تعد فيها بريطانيا العرب بالاستقلال، وأن تكون لهم دولة عربية مستقلة ضمن الحدود التي طلبها "الشريف حسين".

وقد قام "وعد مكماهون" والذي سبق وعد "بلفور" لليهود على استقلال المشرق العربي بعد نهاية الحرب وهزيمة تركيا في المنطقة "التي تضم الآن دول الجزيرة العربية، وسوريا، ولبنان، والأردن، وفلسطين، والعراق" مقابل الثورة العربية على الأتراك.

وبوقوع الاتفاق بين بريطانيا و"الشريف حسين"؛ سارع "الشريف حسين" بإعلان الثورة العربية في الحجاز، والتي بدأت في 10 يونيو 1916م بالهجوم على الحامية التركية في مكة، ثم الانطلاق في كل الاتجاهات.

وفي نفس الفترة تقريبًا بدأت المحادثات بين إنجلترا وفرنسا في لندن لتقسيم المنطقة العربية بعد هزيمة تركيا، والتي أسفرت عن اتفاقية "سايكس - بيكو" في مايو 1916م، واستكملت باتفاق "سان جان دو موريان" بعد ذلك.

ومما ينبغي الإشارة إليه هنا أن ظهور الفكر القومي العربي في هذه الفترة أضفى على المسألة الفلسطينية الطابع القومي العربي؛ وعليه تحرفت نشأة القضية الفلسطينية بمعرفة الحركة الصهيونية التي أنكرت وجود الشعب الفلسطيني كشعب يقيم على أرض فلسطين عبر تاريخه الطويل، وراحت تصور الأمر على ما يحلو لها، فمن كان يعيش من العرب في أرض فلسطين مع قدوم الهجرة اليهودية فله أن ينتقل منها إلى أرض العرب الواسعة، وكأنه لا ارتباط هناك بين الإنسان الفلسطيني العربي وأرض فلسطين، مع أنه لا منافاة ولا تناقض بين انتماء الإنسان الفلسطيني لأرضه فلسطين وانتمائه لقوميته وجنسه العربي، كما ينتمي المصري لوطنه مصر ولأمته العربية، فلا يلغي انتمائه للجنس العربي انتمائه لأرض مصر.

إن انتماء الفلسطيني لفلسطين سابق بكثير -بل بكثير جدًّا- لفكرة القومية العربية التي ظهرت حديثًا بعد ظهور الفكر القومي في أوروبا، ولكن الحركة الصهيونية راحت تصور للأوروبيين: "أن فلسطين أرض بلا شعب -أي خالية من السكان- لشعب بلا أرض -أي الشعب اليهودي-!"، وأن مَن تصادف وجوده على أرض فلسطين مع توافد اليهود إليها فهو عربي من أرض العرب، ووطنه هو أرض العرب ككل؟ وقد كانت فلسطين تضم وقتها 700 ألف فلسطيني، منهم 574 ألف مسلم فلسطيني، و70 ألف نصراني فلسطيني، و56 ألف يهودي معظمهم من اليهود العرب (انظر "تاريخ المسألة الفلسطينية" ص 66).

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

الجمعة 15 أغسطس 2014, 9:51 am
كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد بدأت الثورة العربية على الأتراك استنادًا على وعد بريطانيا للشريف "حسين"، متمثلاً في "وعد مكماهون" المندوب السامي البريطاني في مصر، بناءً على قرار وزير الخارجية وقتها السير "إدوارد" في أكتوبر 1915م، الذي وعدت فيه بريطانيا الشريف "حسين" بدولة عربية مستقلة في الحجاز، والشام، والعراق يحكمها بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى، وتحرر هذه المنطقة من النفوذ العثماني بمساعدة العرب.

بدأت الثورة العربية في 10 يونيو 1916م حيث سقطت الحاميات التركية في الحجاز في يد الثوار العرب، وتم أسر 6 آلاف جندي تركي مِن بينهم حاكم الحجاز العام، وبقيت بعض الحاميات التركية المعزولة في المدينة، وعسير، واليمن، وتمكَّن الثوار من السيطرة على المواقع المهمة على البحر الأحمر بعد أقل من شهر من بداية الثورة، ثم اتجه الثوار تجاه الشام، فاستولوا على العقبة في 6 يوليو 1917م التي تحولت إلى قاعدة هامة للحلفاء إلى جانب كونها نقطة تجمع وتسليح للمنضمين إلى الثورة العربية.

ولمساعدة الحلفاء على الوصول لمدينة القدس قامت القوات العربية بالالتفاف حول خطوط القوات التركية في الجانب الجنوبي من الجبهة؛ مما خفف الضغط العسكري التركي على جيش اللورد "اللنبي" الذي شق طريقه إلى القدس ودخلها في 9 ديسمبر 1917م.

وللوصول إلى دمشق ساهمت القوات العربية في إضعاف دفاعات القوات التركية في مواجهة جيش "اللنبي" إلى أن تم الهجوم النهائي في اتجاه دمشق التي دخلها "اللنبي" ومعه "فيصل بن الشريف حسين" دخول الفاتحين في أول أكتوبر 1918م.

وما بين قيام الثورة العربية في يونيو 1916م ودخول دمشق في أول أكتوبر 1918م وما شهدته هذه الفترة من سقوط المئات من القوات العربية كانت بريطانيا تتفاوض مع فرنسا على اقتسام الأراضي العربية فيما بينهما بعد هزيمة تركيا في الحرب، وتقدم وعدها لزعماء الحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين "وعد بلفور".

وقد سارع الشريف "حسين" فأعلن نفسه ملكًا على البلدان العربية المحررة في أكتوبر 1916م، ولكن الحلفاء اعترفوا به ملكًا على الحجاز فقط.

لورانس العرب:

من الأسماء التي ارتبطت بالثورة العربية اسم "لورانس العرب"، ولورانس هو: توماس إدوارد لورانس، ولد في أغسطس 1888م من أب أيرلندي وأم اسكتلندية، استقرت أسرته في أكسفورد بإنجلترا عام 1896م، وحصل على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف الأولى في التاريخ الحديث في جامعة أكسفورد عام 1910م.

زار عدة عواصم عربية، وتعلم اللغة العربية، وتعرف على الكثير من أوضاع العرب في سوريا، والعراق، ومصر، والتحق بالجيش البريطاني بعض الوقت، وعمل بمكتب العلاقات البريطانية بالقاهرة، وعرف بعدائه لتركيا.

مع بداية الثورة العربية ضد تركيا عام 1916م توجه "لورانس" إلى الجزيرة العربية للمشاركة في قيادة الثورة العربية حيث ارتدى لبس البدو، وشارك في العديد من المعارك العسكرية ضد الأتراك, فساهم في احتلال ميناء "وجه"، ثم ميناء "العقبة"، وقام مع البدو بعمليات نسف قضبان ومركبات السكك الحديدية للقوات التركية.

تقدم مع أعوانه شمالاً لمواجهة الأتراك، ومساعدة جيش اللورد "اللنبي" الإنجليزي، وكان من المشاركين في موكب دخول القدس 8 ديسمبر 1917م، كما شارك في دخول موكب دخول دمشق عام 1918م.

كان "لورانس" يشارك العرب احتفالاتهم وأحاديثهم، ويسهر معهم، ويشرب القهوة مع شيوخهم، وقد صاحب "فيصل بن الشريف حسين" في زيارته لإنجلترا، وفي مؤتمر الصلح بباريس عام 1919م الذي لم يسفر عما كان يحلم به العرب أصحاب الثورة العربية ضد تركيا، وقد عين "لورانس" كبير مستشاري الإنجليز في شرقي الأردن.

عمل "لورانس" بعد ذلك متطوعًا في الجيش البريطاني من عام 1922م إلى عام 1935م في سلاح الطيران ثم في سلاح الدبابات.

نقل لورانس للعمل في الهند في ديسمبر عام 1925م، لكنه قبض عليه على الحدود الأفغانية، حيث اكتشف أنه يساعد الثوار المعارضين للملك الأفغاني أمان الله.

مات لورانس في 19 مايو عام 1935م بعد انقلاب دراجته البخارية به، ومن أشهر مؤلفاته: كتاب "أعمدة الحكمة السبعة"، الذي تناول فيه دوره في الثورة العربية ضد الأتراك، والذي يتضح منه أنه ينظر إلى العرب على أنهم وسط بين الأوروبيين والزنوج (يراجع في ذلك "لورانس العرب" تأليف د. رءوف سلامة موسى).

عدم وفاء بريطانيا بوعدها للعرب:

في أواخر 1917م نشرت إحدى الصحف الروسية ما تم العثور عليه مِن وثائق النظام الروسي القيصري، ومنها اتفاقية "سايكس بيكو"، فلما وصلت أنباء ذلك إلى العرب وانتابهم الشك حول نوايا بريطانيا والحلفاء سارعت بريطانيا بطمأنة العرب حيث صورت للشريف "حسين" أن هذه الأنباء غير صحيحة، وتهدف إلى الدس بين العرب وبريطانيا.

وفي فبراير 1918م أبلغت وزارة الخارجية البريطانية الشريف "حسين" خطيًّا تأكيدها على وعودها للعرب، وكان "بلفور" وزير خارجية بريطانيا -صاحب وعد بلفور لليهود في 1917م- هو الذي أصدر هذا التأكيد للشريف "حسين".

وفي 7 نوفمبر 1918م صدر الإعلان البريطاني الفرنسي المشترك بموافقة رئيسي الحكومتين المتحالفتين يؤكد على الاعتراف من الحلفاء بتحرير البلاد العربية، وحقها في تقرير مصيرها بعد الاستقلال عن تركيا، وإقامة إدارات قومية عربية فيها، ونشر هذا الإعلان في لندن، وباريس، ونيويورك، والقاهرة في نفس الوقت، ولكن بعد انتهاء الحرب وهزيمة تركيا فيها نكثت بريطانيا بكل وعودها للعرب، وخسر العرب كل شيء.
avatar
ليدر
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 4
عدد المساهمات : 9777
التقييم : 402
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 57
http://leader-des.com/vb/

صفحات منسية من القضية الفلسطينية Empty رد: صفحات منسية من القضية الفلسطينية

الجمعة 15 أغسطس 2014, 9:53 am
رفض العرب لاتفاقية "سايكس - بيكو"

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد استعانت إنجلترا بفرنسا وروسيا في أثناء الحرب العالمية الأولى ضد تركيا، خاصة بعد هزيمة إنجلترا في معركة "غاليبولي" في العراق، وبعد المفاوضات بين هؤلاء الحلفاء تم الاتفاق على تقسيم ممتلكات الإمبراطورية العثمانية فيما بينهم بعد انتهاء الحرب وهزيمة تركيا فيها، وعقدت اتفاقية "سايكس - بيكو" السرية بناءً على ذلك.

ولما قامت الثورة البلشفية الشيوعية في روسيا عام 1917م، وعثر زعماؤها على وثائق هذه الاتفاقية ضمن الوثائق التي وقعت تحت أيديهم أعلنوها لفضح نوايا إنجلترا تجاه العرب، ونشرتها إحدى الصحف الروسية.

وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى وهزيمة تركيا فيها، وانتصار إنجلترا وحلفائها؛ نكثت إنجلترا بوعدها للعرب، وخلال عامي "1919 - 1920م" خسر العرب كل شيء!

- ففي مؤتمر باريس للسلام اجتمعت الدول المنتصرة في يناير 1919م لتطبيق بنود الصلح على الألمان والأتراك، وتم توقيع معاهدة "فرساي" في 28 يونيو 1919م بين الدول المنتصرة الكبرى: "بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية"، والتي أنهت الحرب رسميًّا.

- وفي "سان ريمو" اتفق رؤساء حكومات بريطانيا وفرنسا وإيطاليا على كيفية تنفيذ معاهدة فرساي، وتنسيق المواقف حول ما سيفرض على تركيا والمنطقة العربية.

- وفي 10 أغسطس 1920م كانت معاهدة "سيفر" التي وقَّعت عليها تركيا.

- وتم خلال ذلك تعديل اتفاقية "سايكس - بيكو"، بما يلائم مصالح إنجلترا أكثر بعد استبعاد روسيا التي خرجت من الحرب العالمية الأولى قبل نهايتها بعد قيام الثورة البلشفية فيها، والقضاء على النظام القيصري الذي كان يحكمها؛ فضمت إنجلترا ولاية الموصل لنفسها ليكون انتدابها شاملاً للعراق كله، وكانت إنجلترا قد تركت الموصل لفرنسا أولاً لئلا يكون لها حدود مشتركة مع روسيا القيصرية بعد الحرب، حيث كان قد تم الاتفاق على إعطاء روسيا القيصرية شمال شرق الإمبراطورية العثمانية.

كما قبلت فرنسا وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وذلك كله في مقابل موافقة بريطانيا على الشروط التي وضعتها فرنسا لتطبق على ألمانيا بعد هزيمة ألمانيا في الحرب في أوروبا.

وقد كان نكث إنجلترا لوعدها للعرب راجعًا إلى:

- نظرتها الاستعمارية للمنطقة العربية.

- إدراكها لقدرتها مع حلفائها على القضاء على أي حركة وطنية أو نزعة استقلالية عند العرب بالقوة.

- إدراكها أن العرب ليست لهم علاقات وروابط دولية غير علاقتهم ببريطانيا، مما يضعف موقفهم أمام بريطانيا؛ فلم يكن للعرب علاقة مع فرنسا إذ كانوا يخشون مطامعها في "سوريا ولبنان وفلسطين"، ولم يكن لهم علاقة مع ألمانيا مِن الناحية الرسمية، ولا علاقة لهم مع روسيا؛ إذ كانت السياسة الروسية القيصرية لا تسمح بتلك العلاقة مع العرب، خاصة مع تبعيتهم لتركيا.

- وقد تعلقت آمال العرب لفترة بالرئيس الأمريكي -وقتها- "ويلسون"، وذلك في صيف 1919م، حيث أعلن عن مبادئه لمساعدة الشعوب الصغيرة في المناطق التي استولى عليها الحلفاء في الحرب، وسميت المناطق المحررة، حيث نادى "ويلسون" بحق تقرير المصير لهذه للشعوب، ومنها بالطبع الشعوب العربية.

وجاء اهتمام "ويلسون" بإجراءات السلام بعد الحرب العالمية الأولى من خلال 14 نقطة حددها في يناير 1918م؛ لذا اقترحت أمريكا إرسال لجنة تحقيق دولية لاستطلاع رأي السكان في البلاد العربية حول مصيرهم، وهذه اللجنة التي عرفت باسم: "لجنة كنج - كرين" باشرت عملها بعد وصولها إلى "حيفا" في يونيو 1919م.

ورغم إيجابيات اللجنة فإنها لم تُسفِر عن نتيجة، وزاد الأمر سوءًا أن الرئيس الأمريكي "ويلسون" أقعده المرض المفاجئ، وانهزم مرشحه مِن بعده في انتخابات الرئاسة الأمريكية، فتبدلت السياسة الأمريكية.

وترتب على ذلك:

- لم يأخذ مؤتمر باريس للسلام مِن مشروع الرئيس "ويلسون" إلا اقتراحه بإنشاء (عصبة الأمم)، والذي تكرس في مؤتمر "فرساي".

- لم تأخذ الدول الأوروبية بحق تقرير الشعوب المحررة لمصيرها؛ لكونه يعارض أطماعها، ولا يوافق مخططاتها الاستعمارية.

- ولاستمرار المضمون الاستعماري الأوروبي على الشعوب الصغيرة المحررة أقدمت الدول الأوروبية على وضع نظام "الانتداب" على تلك الشعوب مِن خلال عصبة الأمم؛ بدعوى مساعدة الشعوب الصغيرة على القيام بشئونها، ولم يكن هذا الانتداب إلا غطاءً خارجيًّا يبقى تحته المضمون الاستعماري كما هو.

- لم تنضم أمريكا بعد ترك الرئيس "ويلسون" للحكم إلى "عصبة الأمم" حيث لم يوافق الكونجرس الأمريكي على الانضمام لها، رغم أنها تكونت استجابة لاقتراح أمريكا، كما طوى النسيان تقرير لجنة "كنج - كرين"، فأكملت بريطانيا مخططها.

- وقد ثار العرب مِن جديد، ولكن ضد الإنجليز والفرنسيين؛ لتحقيق ما يسعون إليه مِن تكوين دولة عربية لهم مستقلة موحدة:

- فأعلن عرب سوريا (سوريا الكبرى) الاستقلال في مارس، ونصَّبوا الأمير فيصل بن الشريف حسين ملكًا عليها، وكان الأمير "فيصل" قد قاد القوات العربية ضد الأتراك، واستطاع الاستيلاء على دمشق مع قوات الحلفاء عام 1918م، وأعلن نفسه ملكًا عليها قبل دخول القوات الفرنسية إليها، فدخلتها القوات الفرنسية بقوة السلاح بعد معركة "ميسلون" في 24 يوليو 1920م، وقد سقط (800) من العرب في هذه المعركة من بينهم "يوسف العظمة" قائد القوة العربية ووزير الحربية في حكومة الملك فيصل، وترتب على ذلك لجوء الأمير فيصل إلى العراق، ووضع سوريا تحت الانتداب الفرنسي، وفي عام 1921م جعل الأمير "فيصل" أميرًا على العراق ثم ملكًا إلى أن توفي في 1933م.

- وفي العراق قامت حركة عربية تدعو إلى الاستقلال فقامت بريطانيا "وكان لها 150 ألف جندي بريطاني في العراق" بقمع تلك الحركة بالقوة في أكتوبر 1920م.

- وقد شهدت فلسطين أيضًا مِن أبريل 1920م تظاهرات وانتفاضات مناوئة للتواجد اليهودي على أرض فلسطين أجبرت بريطانيا على تكليف لجنة عسكرية بريطانية للتحقيق في أسباب هذه الثورة الشعبية في فلسطين، ولكن الحكومة البريطانية تعمدت إخفاء نتائج تحقيقات اللجنة عن الرأي العام البريطاني والأوروبي.

وقد وردت الإشارة إلى نتائج تحقيق هذه اللجنة بعد ذلك بسنوات طويلة، حيث جاء في تقرير اللجنة الملكية حول فلسطين في عام 1937م أن هذه الثورة العربية من عرب فلسطين في عام 1920م كانت ترجع إلى:

1- الخيبة التي شعر بها العرب بسبب عدم الوفاء بوعد الاستقلال الذي حصلوا عليه خلال الحرب العالمية الأولى.

2- اعتقاد العرب الراسخ أن إعلان "بلفور" يحرمهم مِن حق تقرير مصيرهم بأنفسهم، وخشيتهم من أن إقامة مقر لليهود في بلادهم يؤدي إلى ارتفاع كبير في الهجرة اليهودية يعطي اليهود القدرة على السيطرة الاقتصادية والسياسية على فلسطين.

ومما جاء في تقرير اللجنة: "السكان المستقرون هنا منذ زمن بعيد معارضون تمامًا لأية هجرة جماعية لليهود، ومضادون كذلك في الوقت ذاته لأي سيادة يهودية عليهم، وإننا لنسأل أنفسنا: أيمكن أن يكون هناك إنجليزي واحد أو أمريكي واحد يعتقد أن تحقيق البرنامج الصهيوني أمر ممكن بغير مساندة من جيش كبير؟!".

ورفضت اللجنة البرنامج الصهيوني الشامل، واقترحت إبقاء وحدة سوريا مع فلسطين تحت انتداب بريطاني أو أمريكي، مع موافقة محدودة على إنشاء موطن قومي يهودي محدود.

وبصدور وثائق الانتداب الإنجليزي والفرنسي على البلاد العربية من "عصبة الأمم"، وكما جاء في اتفاقية "سايكس - بيكو" بدا أن الأمر قد انتهى واستقر، وقد فرض الاستعمار الأوروبي على العرب ما أراد رغم الآلاف من العرب الذين سقطوا وغطت أجسادهم أراضي هذه البلاد العربية في مواجهة الأتراك ثم الإنجليز والفرنسيين (راجع في ذلك: ملف إسرائيل لروجيه جارودي - تاريخ المسألة الفلسطينية لفيصل أبو خضرا).

- ومما يجدر الإشارة إليه أن مصر قد تعرضت إلى ما يشبه ما تعرضت له الحجاز والشام والعراق؛ إذ كانت مصر تابعة للدولة العثمانية، ولكن يحكمها "محمد علي" باشا ثم أبناؤه مِن بعده، طبقًا لما اتفقت تركيا مع "محمد علي" باشا عليه بعد الحروب التي وقعت بين الطرفين، وكان يطلق على حاكم مصر مِن قِبَل أسرة "محمد علي" لقب: (خديوي).

وقد شجع الخديوي "توفيق" الإنجليز على دخول مصر لمساندته في نزاعه مع الجيش بعد ثورة عرابي، فصارت مصر مع تبعيتها للدولة العثمانية ولأسرة "محمد علي" تحت احتلال بريطاني فعلي منذ عام 1882م.

وقد قامت في مصر حركة وطنية تندد بمساوئ الاحتلال الإنجليزي في مصر كان في مقدمتها الزعيم "مصطفى كامل"، ومِن بعده خليفته "محمد فريد".

ولما قامت الحرب العالمية الأولى ووقع العداء بين تركيا وإنجلترا؛ انفردت إنجلترا بحكم مصر، فلم تعد مصر تابعة لتركيا، ومع وجود الحركة الوطنية وخوف إنجلترا من تعاطف المصريين مع تركيا كان وعد إنجلترا للمصريين بمنحهم الاستقلال بعد نهاية الحرب وهزيمة تركيا فيها على أن تقدم مصر مساعدات لإنجلترا خلال تلك الحرب، وقد التزم المصريون بذلك وتحملوا توابعه.

ثم لما انتهت الحرب بهزيمة تركيا نكثت إنجلترا وعدها، ورفضت إعطاء مصر حق الاستقلال، ورفضت ذهاب وفدٍ مِن مصر إلى مؤتمر باريس للسلام لعرض مطلب مصر بالاستقلال، وكان الوفد بقيادة "سعد زغلول" الذي عاقبته إنجلترا بالنفي خارج مصر؛ مما أشعل ثورة شعبية عام 1919م أجبرت إنجلترا على السماح للوفد المصري بالتوجه لباريس، ولكنه عاد بخيبة أمل أمام رفض الدول المنتصرة في الحرب لمطلب استقلال مصر؛ مما دفع المصريين لاستكمال ثورتهم الشعبية، والتي انتهت بمنح مصر استقلالاً صوريًّا، صارت به مصر مملكة مستقلة في الظاهر، لكن لبريطانيا حق التدخل والتحكم الفعلي في شئونها.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى