منتديات مصرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
admin
admin
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 13582
التقييم : 2521
تاريخ التسجيل : 05/11/2010
العمر : 57
خلفية العنف الصربى 3913
http://masrya.ahlamontada.org

خلفية العنف الصربى Empty خلفية العنف الصربى

الثلاثاء 12 نوفمبر 2013, 8:39 pm
عد موت (تيتو) في عام 1980، انهار مبدأ الحكم اليوغسلافي الذي يرى أن (ضعف صربيا يعني قوةً ليغوسلافيا)، وحلَّ مكانه طموحات تكوين (صربيا كبيرة) على يد أنصار القومية، سواء من الصرب أو الجبل الأسود، وكان الشعار الأساس لهذا الطموح هو مدينة (بنتسا) التي تقع في (كوسوفو)، وهي عاصمة مملكة كوسوفو وصريبا في العصور الوسطى، ومركز للكنيسة الأرثوذكسية، وفي الذكرى السنوية الستمائة لدقِّ حرب كوسوفو لعُنُق الأمير (لازار) مع جنوده في اليوم الموافق 28 يوليو 1989، احتشد أكثر من مليون صربي في وادي (غازمستان) الذي دارت به الحرب، وفي مراسم ذلك الاحتفال قام بدورٍ فعَّال كلٌّ من: الكنيسة الأرثوذكسية الصربية، والمثقَّفون الصرب، وقادة السياسة الصرب من أنصار القومية، وكان كل هؤلاء قد بدؤوا في الإعدادات لهذا الاحتفال قبل عِدَّة سنوات؛ حيث تمَّ استخدام كل الأساطير الصربية والدعاية الإعلامية وتصريحات رجال السياسة والدين المحرِّضة للشَّغَب؛ وذلك لتهيئة المناخ المطلوب، فعلى سبيل المثال: قبل مراسم الاحتفال تمَّ حمل تابوت (لازار) من كوسوفو وتُجُوِّل به في صربيا، ثم أُعِيد مَرَّة أخرى إلى مكانه في كوسوفو؛ وذلك لتأجيج مشاعر القوميين لأقصى درجة.

ولمَّا حانت الذكرى السنويَّة الستمائة لهزيمة كوسوفو (1389)، والتي تُعَدُّ صدمةً للقومية الصربية - كان قد تهيَّأ المناخ المطلوب بنسبة كبيرة؛ حيث تجمَّع في وادي (غازمستان) أكثر من مليون صربي تسيطر عليهم أوهام الأساطير الدينية والعرقية، وألقى (سلوبودان ميلوسوفيتش) خطبة على خشبة المسرح التي زُيِّنت برموز الكنيسة الأرثوذكسية الصربية ورموز (لازار)، وخلال هذه الخطبة النارية من جهة قال بوضوح: إن عصر يوغوسلافيا قد انتهى، ومن الجهة الأخرى أخذ يحكي عن (حروب صربيا الكبيرة في الماضي والمستقبل)، ولكن حقيقة ما كان يريد عمله هو التمهيد بصورة مشروعة لحرب جديدة دامية في البلقان تستمرُّ لعشر سنوات تقريبًا، وفي خطبة (ميلوسوفيتش) التي استهدفت مسلمي البوسنة وكوسوفو وكذلك الألبان - ولا سيَّما الترك - كان الشعار الأساس: (لن يحدث ذلك مرة أخرى مطلقًا)، وكان (ميلوسوفيتش) يصيح بأن: "الأمة الصربية العظيمة لن يتولى حكمها المسلمون الأتراك مرَّة أخرى"، فكان الهدف هو كوسوفو والأتراك المسلمين؛ لأن هزيمة كوسوفو مع أنها لم تكن تهدف لإنشاء مركز سياسى للصرب إلا أنها لعبت دورًا مهمًّا للغاية في تشكيل الهوية الصربية، فهذه الهزيمة اكتسبت معنًى أبعد من كونها مجرَّد معركة، وتركت آثارًا عميقة في الذاكرة الصربية المشتركة، كما ولدت أبطالاً قوميين من الروايات، سواء الصحيحة أو الخاطئة.

قَتَلَة المسيح:
وفي الواقع إذا نظرنا للخطابات التي ألقيت في وادي (غازمستان)، نجدها ليست إلاَّ اعترافًا شفهيًّا للعناصر الأساسية وراء العنف الصربي الذي أدَّى إلى إبادة المسلمين في البوسنة والهرسك وكوسوفو، كما أدَّى إلى تدمير التاريخ والثقافة والفن؛ حيث تُظْهِر هذه الخطابات أن حرب كوسوفو تشكِّل نقطة عودة من الناحية التاريخية للعقلية الصربية، ومفهوم الأماكن المقدَّسة، والأديرة الأرثوذكسية الصربية الموجودة في كوسوفو، والمفهوم الخادع لزعم إبادة العثمانيين والأوستاشا من قِبَل الألبان، والخلفية الدينية للمسيحية السلافية التي تحمي الكنيسة الأرثوذكسية الصربية والدافع وراء القومية الصربية.

تكمُن القومية الصربية في رؤيتهم للمسلمين البُسْنِيِّين على أنهم قَتَلَة المسيح وخَوَنَة لعرقهم، وهذا هو أساس العمليات التحريضية ضدَّ المسلمين السلافيين، وترى المثيولوجية الصربية أن هزيمة الأمير (لازار) في حرب كوسوفو وموته في ميدان الحرب كان بداية فقدان الأمَّة الصربية لاستقلالها، وسقوطها أسيرة في يد العثمانيين لخمسة قرون؛ حيث يُجْمِع أنصار القومية الصربية في القرن التاسع عشر على أن موت الأمير (لازار) يمثِّل موتًا للأمة الصربية بأسرها، وبذلك حوَّلوا (لازار) إلى شخصية المسيح، ووفقًا لهذا المفهوم ينصبُّ غضبهم على الأتراك والبُسْنِيين المسلمين بصفتهم قَتَلَة المسيح، وسينهض الشعب الصربي من جديد لدى قضائه على أحفاد ونسل قَتَلَة (لازار).

المسيحية السلافية (المسيحوسلافية):
وترى أسطورة (المسيحوسلافية) - وهو بمعنى: المسيحية السلافية - أن السلافيِّين هم مسيحيُّون بطبيعة الحال، ودخول أيِّ سلافي مسيحي في دينٍ آخر يعني خيانةً لدينهم ولعِرْقهم أيضًا، ووفقًا للسلافيين المسيحيين فإن السلافيين الذين اعتنقوا الإسلام قد غيَّروا دينهم؛ إمَّا بسبب الخوف، أو للاستفادة من الامتيازات التي كان يحظى بها المسلمون، كما يعتبرون أن السلافيين الذين اختاروا الدين الإسلاميَّ قد تحوَّلوا لأتراك، ولهذا السبب يعامل أنصار القومية الصربية مسلمي البوسنة على أنهم أتراك.

كما أن أقدم دُور العبادة التي أقامتها الكنيسة الأرثوذكسية الصربية عام 1346 تقع في مدينة (بنتسا) في كوسوفو، وعلى هذا تبنَّت الكنيسة الأرثوذكسية الصربية فكرة أن (المسلمين هم مرتكبو الآثام على الأراضي المسيحية)، وكرَّست نفسها للحفاظ على هذا الفكر حيًّا، وكان الصِّرب يُشَكِّلون أكثريةً من حيث التعداد السكاني في الكثير من مناطق كوسوفو، إلاَّ أن انتشار الإسلام بسرعة وهجرات الصرب والزيادة الكثيفة في تعداد المسلمين الألبان، كل هذه الأسباب أدَّت إلى تراجع عدد الصرب في منطقة كوسوفو إلى 5% - 10%.

مقولة الخديعة والإبادة الجماعية:
إن رجال السياسة والمثقَّفين ورجال الدين الصِّرب بدلاً من أن يظلُّوا متمسِّكين بزعمهم أن هذا التراجع السكاني في تعداد الصرب يرجع إلى (تعرُّضهم للقهر واعتقالهم في عهد العثمانيين)، أضافوا إلى هذا الزعم إغارات الحكم الكرواتي الإستاشي ضدَّ الصِّرب خلال الحرب العالمية الثانية، وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر ألَّفوا مقولة الخديعة والإبادة الجماعية، وأراد (سلوبودان ميلوسوفيتش) باستخدامه هذه المقولة الحصولَ على شرعية للمذبحة العرقية التي قام بها ضدَّ مسلمي البوسنة بشكلٍ خاصٍّ، وبدأ مثقَّفو الصرب في المنطقة وكذلك الكنيسة الأرثوذكسية الصربية في استخدام مصطلح (التطهير العرقي) بشكلٍ مستدر للمشاعر إلى حدٍّ كبير، وذلك خلال تصويرهم للظلم المُدَّعَى حدوثُه ضدَّ الصرب.

كما يُعَدُّ (راندوفان قاراضزيتش) - زعيم الصرب البوسني الذي تمَّت محاكمته في محكمة العدل الدولية في لاهاي بإحدى عشرة تهمة مختلفة - واحدًا من المدافعين باستمرارٍ عن زعم محاولات الكروات ومسلمي البوسنة قتل الصرب مثلما حدث في عهد الأوستاش، إلا أنَّ تغيُّر البنية الديمغرافية في البوسنة وألبانيا وكوسوفو لصالح المسلمين يستند أيضًا إلى أسباب اجتماعية وثقافية، مثلما أكَّد (خافيير دي بلانهول) خلال توضيحه لانتشار الإسلام في ألبانيا، فإن التعامل اللَّيِّن للعثمانيين ومناخ العدالة والسلام الذي ساد في عصرهم كان العامل الأساس في دخول الرعية المسيحية في الدين الإسلامي، فانتشرت الأسلمة بخطوات ثابتة وقوية في هذه الفترة التي تشكَّلت من مرحلتين رئيستين استمرَّت كلٌّ منها لأكثر من قرنين، وهما:
1- الفترة الممتدَّة من الفتوحات التي تمَّت في يوغوسلافيا إلى هزيمة فيينا.
2- الفترة من هزيمة فيينا إلى وتيرة الانسحاب العثماني الإجباري من أراضي البلقان.

الإبادة الجماعية الحقيقية:
هناك حكاية تقول: إن الدبلوماسي الأمريكي الملقَّب بالدبابة الدبلوماسية (ريتشارد هولبروك) سأل (حكمت تشاتين) - وزير الخارجية في ذلك الوقت - قائلاً: "كيف حكمتَ هؤلاء الحمير - مشيرًا للصرب - طوال 450 عامًا؟"، فأجاب (تشاتين) على هذا السؤال الذي لا يستند إلى أيِّ إيضاح مادِّي من الناحية التاريخية والاجتماعية، أجاب قائلاً: بالعدالة العثمانية.

وبالرغم من الحقائق التاريخية التي تحملها هذه المزحة، فإن (ميلوسوفيتش) وحزبه الاشتراكي الصربي صعد في انتخابات ديسمبر 1990 بنجاحٍ كبير، واستطاع أن يمتطي النمو القومي ويخضعه للصحافة الصربية، وتربَّع (سلوبودان ميلوسوفيتش) على عرش الكلمات للأمَّة الصربية، واختلق أخبارًا كاذبة بعنوان: (إرسال الإرهابيين الفاشيين لترويع الصرب)، وبينما قام بتطوير الأقاويل الملفَّقة حول القهر والإبادات الجماعية، كان الألبان والمسلمون البوسنيون هم مَن يتعرَّض حقًّا للقهر والتطهير العرقي، كما هو الحال في كل الفترات التاريخية، حيث استشهد 250 ألف مسلم بوسني أثناء حرب البوسنة بين عامي 1992- 1995.

وإجمالاً فَقَد 312 ألف شخص حياتهم، وكذلك تمَّ إخراج 20 ألف ألباني خارج الحدود بسيارات النقل، وتدفق 500 ألف كوسوفي إلى الطرقات للنجاة بأرواحهم، وذلك كنتيجة للعدوان الذي بدأ مع إطلاق الشرطة الصربية النيران على القرى في كوسوفو في مارس 1999، فمع حملة التطهير العرقي التي بدأتها القوات الصربية اليوغسلافية تم قتل الآلاف من ألبان كوسوفو، من بينهم ما يقرب من ألفي مدني أعزل، فحتى هذا التدليس الدامي الذي وقع في وسط أوروبا في عشر السنوات الأخيرة من القرن العشرين تُعَدُّ أوضح مؤشِّر؛ لأن القومية الصربية تكون أبعد ما يكون عن تكوين أمَّة معاصرة، وأنها لم تستطع أن تبعُد عن كونها قبيلة متوحِّشة تأجج دوافع العنف.


الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى