منتديات مصرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
admin
admin
مدير الموقع
مدير الموقع
ذكر
رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 13582
التقييم : 2521
تاريخ التسجيل : 05/11/2010
العمر : 57
تعيين مندوب بابا روما أسقفا للقدس  3913
http://masrya.ahlamontada.org

تعيين مندوب بابا روما أسقفا للقدس  Empty تعيين مندوب بابا روما أسقفا للقدس

السبت 25 ديسمبر 2010, 7:59 pm
لقد وصل مندوب البابا -رئيس أساقفة بيزا دايمبرت- إلى الشام في صيف 1099م بعد سقوط بيت المقدس، ووصلته هذه الأنباء، واجتمع مع بوهيموند أمير أنطاكية ليتباحثا معًا أحوال القوات الصليبية، وكان ذهن دايمبرت يعمل في اتجاه الحصول على أملاك تخص الكنيسة، واستغل بوهيموند هذه الرغبة، ووجَّه أطماع دايمبرت إلى ميناء اللاذقية[1].



ولماذا اللاذقية بالذات؟



لقد سيطرت الدولة البيزنطية على ميناء اللاذقية بمساعدة الأمير ريمون الرابع[2]، وحيث إن هذا الميناء يقع في جنوب أنطاكية فهو يمثل خطورة كبيرة على بوهيموند الذي صار معاديًا بصراحة للدولة البيزنطية، ومن ثَمَّ دفع بوهيموند الأسقف دايمبرت لاستغلال أسطول بيزا القوي لحصار اللاذقية وإسقاطها، ووافق الأسقف دايمبرت دون تفكير كثير على هذه الخطوة[3]؛ خشية ألا تبقى هناك مدن مناسبة للاحتلال مع مرور الوقت، وبالفعل تمَّ الحصار، وكادت المدينة أن تسقط لولا حدوث أمر غيَّر الأحداث!



فك الحصار عن اللاذقية
لقد جاء ريمون الرابع بجيشه في هذه اللحظة حيث فشل كما رأينا في الحصول على إمارة في فلسطين، فجاء يكرر سعيه للحصول على إمارة في الشام أو لبنان، وفُوجئ ريمون بالحصار المشترك بين بوهيموند ودايمبرت لميناء اللاذقية، فتدخل مسرعًا، وقام بزجر بوهيموند، وقال لدايمبرت: إنه ليس من الحكمة مطلقًا أن نخطو الآن خطوة نستعدي بها الدولة البيزنطية[4]، وأن هذا سيقضي على آمال توحيد الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية تحت زعامة بابا روما[5]، وأن فرصة دايمبرت أكبر في فلسطين حيث توجد القدس.



ووجد دايمبرت أن الكلام مقنع، ومن ثَمَّ -وعلى غير رغبة بوهيموند- رفع دايمبرت الحصار، ودخل ريمون البلدة ليرفع فيها علمه إلى جوار علم الإمبراطورية البيزنطية[6]، وليتجه دايمبرت ومعه بوهيموند أمير أنطاكية وأيضًا بلدوين أمير الرها إلى القدس. لقد ذهبوا جميعًا لدفع الأمور إلى تعيين دايمبرت في أسقفية القدس، ليكون بذلك لهم يدٌ عند دايمبرت ومِن ورائه البابا[7].



وسار الموكب المكون من جيوش دايمبرت وبوهيموند وبلدوين، ولاقى بعض المصاعب في الطريق، غير أنه وجد كل الترحيب من ابن عمار أمير طرابلس حيث قدَّم لهم التموين، ولكن دون فتح أبواب المدينة خشية أن يحتلوها[8].



تعيين دايمبرت في أسقفية القدس وما ترتب على التعيين
ووصل الموكب الكبير إلى بيت المقدس، وسُرَّ جودفري برؤية هذه الأعداد الضخمة من الصليبيين لأنه أصبح في حاجة إلى الجنود[9]، ولكن هؤلاء جاءوا بهدف، وهو عزل الأسقف الموجود وهو أرنولف مالكون، وتعيين دايمبرت مكانه، ووجد جودفري نفسه مضطرًا إلى هذا الأمر حيث إنه محتاج إلى أسطول بيزا القوي، كما يحتاج أيضًا إلى تأييد البابا، وهكذا دُبِّرت محاكمة سريعة للأسقف القديم أثبتوا فيها أن تعيينه كان باطلاً، ومن ثَمَّ عُزِل، ووُلِّي دايمبرت على الأسقفية[10]!



غير أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل بدأ دايمبرت يتدخل في شئون بيت المقدس السياسية، فهو لم يكن يريد هذا المنصب ليمارس شعائر دينية، إنما كان يريده ليفرض نفسه على الأوضاع ليصير هو السيد المتحكم في الأمور[11]، بل وصل الأمر في سنة (493هـ) فبراير 1100م إلى نزاعٍ معلن بين جودفري ودايمبرت حول ملكية البلاد المحتلة؛ فقد كان دايمبرت يريد لنفسه ملكًا خاصًّا في يافا، وأيضًا في بيت المقدس[12].



بل إن جودفري عرض صراحة أن ينتقل ملك المدينتين إلى دايمبرت بعد وفاة جودفري، ولكن هذا لم يعجب دايمبرت، فعرض عليه أن ينتظر حتى يستولي على مدينتين غيرهما من المسلمين، فيعطي حينئذٍ بيت المقدس ويافا لدايمبرت، ولكن هذا لم يعجب أيضًا دايمبرت، فهو لا يستطيع الانتظار[13]! وهكذا ظل الصراع بين زعيم بيت المقدس وزعيم الكنيسة هناك دون الوصول إلى نتيجة!!



إنها حرب الجشع والطمع والاستحواذ، ولا مكان فيها لدين أو صليب!



د. راغب السرجاني


--------------------------------------------------------------------------------

[1] Grousset: op. cit. 1, p. 191.

[2] Heyd: op. cit. 1, p. 135.

[3] Albrt d`Aix, pp. 500-501.

[4] Chalandon: Alexis Comnene, p. 218.

[5] سعيد عاشور: الحركة الصليبية 1/218.

[6] Runciman: op. cit. 1, p. 301.

[7] Setton: op. cit. 1, p. 377.

[8] Archer: The Crusades, pp. 98-99.

[9] Runciman: op. cit. 1, p. 303.

[10] Setton: op. cit 1, p. 377.

[11] سعيد عاشور: الحركة الصليبية 1/221.

[12] Michaud. op. cit ll, p. 10.

[13] Guillaume de Tyr, pp. 388-390.


الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى