ما اصعب التوبة
الإثنين 06 فبراير 2012, 3:10 pm
الشيخ عبد الخالق الشريف
حقًّا التوبة ليست بالأمر السهل، خاصة عند مَن اعتاد المعصية وألفها، وصارت جزءًا من نفسه وشخصيته، يداوم عليها، ويحافظ عليها، حيثما سار ذكَّرته الطرق والمباني بما كان، فيتذكر راغبًا لا نادمًا، ويعيد عليه الشيطان ويوسوس له ويهيِّج فيه ذكريات الأمس، أو يحذِّره من فضيحة تأتي من رفقاء السوء، فيداوم في العيش معهم،... وهكذا.
ولقد عبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر بقوله: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الْحَصِيرِ، فَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، حَتَّى يَصِيرَ الْقَلْبُ عَلَى قَلْبَيْنِ: أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا لاَ يَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرِ أَسْوَدَ مُرْبَدٍّ كَالْكُوزِ مُخْجِيًّا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاه"[1].
ومفهوم هذا القول النبوي الصادق المعصوم أن الإنسان له مع المعصية طريقان؛ الأول: طريق القبول والتكرار حتى تسكن المعصية في قلبه، ويسكن القلب إليها، ويصير القلب كالمحبوس لهذه المعصية بسبب التكرار، وكلما تكرر الأمر نكت في القلب نكتة سوداء وهي علامة السخط، أمَّا مَن يرفض المعصية فيكون في القلب نكتة بيضاء وهي علامة الرضا، ومع التكرار يصير لكل قلب خصائصه.
القلب الرافض للمعصية، أو سريع التوبة منها إذا ارتكبها، يصير قلبه أبيض أملس ليس فيه إلا الخير، وقلب آخر أسود من شدة المعاصي وحرصه عليها، وشبَّه النبي صلى الله عليه وسلم هذا القلب بكوب منكوس فلا ينتفع به، فهو لا يعرف المعروف فيتبعه، ولا ينكر المنكر فيعرض عنه، ليس إلا ما هواه وعاش به.
ومن هنا كانت التوبة من أصعب ما يكون على الإنسان الذي يغفل عن يوم الحساب.. انظر إلى إخوة يوسف -عليه السلام- بعد أن ألقوة في البئر وجاءوا على قميصه بدم كذب، ومرت سنوات طوال صار فيها سيدنا يوسف عزيز مصر، وحين وَضع صواع الملك في رحل أخيه قالوا: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77]. ولم يتوبوا إلى الله ويندموا على ما كان منهم إلا بعد أن فضح أمرهم، ورأوا ما أصبح عليه يوسف -عليه السلام- من تمكين الله عز وجل.
تذكرت هذا كله وأنا أرى أركان النظام البائد في مصر من ضباط أمن الدولة السابقين وما فعلوه من جرائم، والمخبرين المتستِّرين على البلطجية، وسارقي أموال الفقراء والمساكين وهذا الشعب المصري المسكين؛ ناهبي أموال البنوك، سارقي الأراضي، قاتلي الناس.
ليس فقط لم يتوبوا، بل إن ما استقر في قلوبهم من باطل وفساد يطل بين الحين والآخر، وهذا ما رأيناه في الأيام القليلة الماضية.
أَمَا نجد فيهم رشيدًا عاقلاً يسارع بالتوبة قبل الموت؟!! لا تتعجب؛ فالأمر ليس سهلاً إلا على مَن أراد الله به خيرًا؛ لذا كان هذا العنوان.
اللهم احفظ مصر وأهلها من المفسدين مرة، ومن مدمني الفساد ألف مرة.
حقًّا التوبة ليست بالأمر السهل، خاصة عند مَن اعتاد المعصية وألفها، وصارت جزءًا من نفسه وشخصيته، يداوم عليها، ويحافظ عليها، حيثما سار ذكَّرته الطرق والمباني بما كان، فيتذكر راغبًا لا نادمًا، ويعيد عليه الشيطان ويوسوس له ويهيِّج فيه ذكريات الأمس، أو يحذِّره من فضيحة تأتي من رفقاء السوء، فيداوم في العيش معهم،... وهكذا.
ولقد عبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر بقوله: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الْحَصِيرِ، فَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، حَتَّى يَصِيرَ الْقَلْبُ عَلَى قَلْبَيْنِ: أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا لاَ يَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرِ أَسْوَدَ مُرْبَدٍّ كَالْكُوزِ مُخْجِيًّا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاه"[1].
ومفهوم هذا القول النبوي الصادق المعصوم أن الإنسان له مع المعصية طريقان؛ الأول: طريق القبول والتكرار حتى تسكن المعصية في قلبه، ويسكن القلب إليها، ويصير القلب كالمحبوس لهذه المعصية بسبب التكرار، وكلما تكرر الأمر نكت في القلب نكتة سوداء وهي علامة السخط، أمَّا مَن يرفض المعصية فيكون في القلب نكتة بيضاء وهي علامة الرضا، ومع التكرار يصير لكل قلب خصائصه.
القلب الرافض للمعصية، أو سريع التوبة منها إذا ارتكبها، يصير قلبه أبيض أملس ليس فيه إلا الخير، وقلب آخر أسود من شدة المعاصي وحرصه عليها، وشبَّه النبي صلى الله عليه وسلم هذا القلب بكوب منكوس فلا ينتفع به، فهو لا يعرف المعروف فيتبعه، ولا ينكر المنكر فيعرض عنه، ليس إلا ما هواه وعاش به.
ومن هنا كانت التوبة من أصعب ما يكون على الإنسان الذي يغفل عن يوم الحساب.. انظر إلى إخوة يوسف -عليه السلام- بعد أن ألقوة في البئر وجاءوا على قميصه بدم كذب، ومرت سنوات طوال صار فيها سيدنا يوسف عزيز مصر، وحين وَضع صواع الملك في رحل أخيه قالوا: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77]. ولم يتوبوا إلى الله ويندموا على ما كان منهم إلا بعد أن فضح أمرهم، ورأوا ما أصبح عليه يوسف -عليه السلام- من تمكين الله عز وجل.
تذكرت هذا كله وأنا أرى أركان النظام البائد في مصر من ضباط أمن الدولة السابقين وما فعلوه من جرائم، والمخبرين المتستِّرين على البلطجية، وسارقي أموال الفقراء والمساكين وهذا الشعب المصري المسكين؛ ناهبي أموال البنوك، سارقي الأراضي، قاتلي الناس.
ليس فقط لم يتوبوا، بل إن ما استقر في قلوبهم من باطل وفساد يطل بين الحين والآخر، وهذا ما رأيناه في الأيام القليلة الماضية.
أَمَا نجد فيهم رشيدًا عاقلاً يسارع بالتوبة قبل الموت؟!! لا تتعجب؛ فالأمر ليس سهلاً إلا على مَن أراد الله به خيرًا؛ لذا كان هذا العنوان.
اللهم احفظ مصر وأهلها من المفسدين مرة، ومن مدمني الفساد ألف مرة.
- روعة الأشياءمدير الموقع
رقم العضوية : 92
عدد المساهمات : 4721
التقييم : 3033
تاريخ التسجيل : 28/01/2012
رد: ما اصعب التوبة
الإثنين 06 فبراير 2012, 4:14 pm
اللهم آمين
طرح طيب ،، بارك الله فيك
طرح طيب ،، بارك الله فيك
رد: ما اصعب التوبة
الأربعاء 29 فبراير 2012, 1:55 pm
ربنا يعزك يا روعة
الف شكر لتوصلك الجميل
تحياتى و تقديرى
الف شكر لتوصلك الجميل
تحياتى و تقديرى
رد: ما اصعب التوبة
الخميس 01 مارس 2012, 3:54 pm
بارك الله فيك و جعله فى ميزان حسناتك و نفعنا به
تحياتى و تقديرى ...
تحياتى و تقديرى ...
- زائرزائر
رد: ما اصعب التوبة
الأربعاء 02 مايو 2012, 5:27 pm
طرح متميز و رائع و يثرى المنتدى بدون شك
سلمت لنا و موضوعاتك الهادفة
مودتى ... نبع الوفاء
سلمت لنا و موضوعاتك الهادفة
مودتى ... نبع الوفاء
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى