من حقوق الضعفاء والفقراء والمساكين

الأحد 22 أبريل 2012, 4:25 am

من حقوق الضعفاء والفقراء والمساكين

******

اهتمَّ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بالضعفاءِ الذين لا مالَ لهم ولا عشيرةَ،
فكان يقبلُ من محسنِهم ويتجاوزُ عن مسيئِهم، ويسعى في حوائِجهم،
ويرفعُ عنهم الضرَّ والأذى ولو بكلمةٍ تُغضِبُهم.

وكانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعلِّمُ أصحابَهُ أنَّ المالَ والوجاهةَ
الاجتماعيةَ والمناصبَ المرموقةَ لا تُضفي على الإنسانِ فضلًا لا يستحقُّه،
وأنْ الفقرَ وقلةَ المالِ والجاهِ لا يسلبُ الإنسانَ شرفًا يستحقُّه،

فقد مرَّ رجلٌ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابُهُ،
فقالَ لهم: «ما تقولونَ في هذا؟» فقالوا: هذا رجلٌ من أشرافِ الناسِ،
هذا واللهِ حريٌّ إنْ خطبَ أن يُنكحَ، وإن شَفَعْ أن يُشفَّع، وإنْ قالَ أن يُسْتَمعَ.
فسكتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم،
ثم مرَّ رجلٌ من فقراءِ المسلمينَ، فقالَ: «ما تقولونَ في هذا؟» قالوا:
هذا حريٌّ إن خَطَبَ ألَّا يُنكحَ، وإن شَفَعَ ألّا يُشَفَّعَ، وإنْ قالَ ألا يُسمعَ.
فقالَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) عن الفقيرِ:
«هذا خيرٌ من ملءِ الأرضِ مثلَ هذا».
. ومن اهتمامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بشأنِ الضعفاءِ أنَّ امرأةً سوداءَ
كانتْ تقُمُّ المسجدَ، ففقدها رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فسألَ عنها،
فقالوا: ماتتْ. فقالَ (صلى الله عليه وسلم): «أفلا كنتم آذنتموني»،
فكأنهم صغَّروا أمرَها. فقال النبيُّ (صلى الله عليه وسلم):
«دلوني على قبرِها» فدلّوه فصلَّى عليها.

إنَّ المجتمعَ الذي يشعرُ فيه الفقيرُ والمسكينُ والضعيفُ بأهميتِهِ واهتمامِ
المسؤولينَ والقادةِ والقوانينِ به لهو مجتمعٌ التكافلِ والرحمةِ والإنسانيةِ
الذي ينعمْ به الجميعُ ويسعدوا بظلالِهِ.

ولذلك قالَ (صلى الله عليه وسلم): «من ولّاه اللهُ شيئًا من أمورِ المسلمينَ،
فاحتجبَ دون حاجتِهم وخَلَّتهم وفقرِهم، احتجبَ اللهُ دون حاجتِهِ وخَلَّتِهِ وفقرِهِ يومَ القيامةِ»
ورواه الترمذي بلفظ: «ما من إمامٍ يَغلقُ بابهُ دونَ ذوي الحاجةِ والخَلَّةِ والمسكنةِ
إلا أغلقَ اللهُ أبوابَ السماءِ دونَ خَلّتهِ وحاجتهِ ومسكنتهِ».

وفي الجملةِ كانَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يهيبُ بالأمةِ كلِّها أنْ تقفَ
لنصرةِ المظلومِ أيًّا كان مستواه ومكانتهِ؛ حيثُ ربطَ بين هذه القضيةِ
وقضيةِ كرامةِ الأمةِ نفسِها، فقال:
«كيفَ يقدسُ اللهُ أمةً لا يؤخذُ لضعيفِها من شديدِها حقَّه وهو غير متعتعٍ»

* * *