من لم يكن له مثل تقواهم ، لم يدرِ ما الذي أبكاهم
السبت 04 يناير 2014, 8:03 pm
كتبه/ مصطفى دياب
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد ؛
صيحةٌ من جوف الليل لأُمٍ حنون ، على ولدها الذي نشأ شاباً يافعاً منذ نعومة أظفاره في طاعة الله ، وفطم نفسه منذ حداثتها على تقواه ، ويقول لها : كيف يستطيع النومَ من جَنّ عليه الليل ، وهو يخشى هجوم الخصوم ؟ لقد أرقها كثرة تضرعه ، وشدة نحيبه في عتمات الليل ، والناس نيام ، حتى ظنت به الظنون ، فقالت : ما الذي أصابك يا بُني ؟ لعلك أتيتَ جُرماً !!! لعلك قتلتَ نفساً !!!
فقال لها نعم ، قتلتُ نفساً فقالت في لهفةٍ : ومَن هذا القتيل ؟ لعلهم يعفون عنك ؟ والله لو علم أهل القتيل ما تعاني من البكاء ، وما تكابد من السهر لرحموك .
فقال : لا تكلمي أحداً ، فإنما قتلتُ نفسي ، قتلتها بالذنوب .
وإذا خلوتَ بريبةِ في ظلمةٍ ، والنفس داعيةٌ إلى الطغيان ، فاستحِي من نظر الإله وقل لها : إن الذي خلق الظلام يراني .
أخي الحبيب :
أنت ذلك الشاب .. الربيع بن خُثيّم ، لك شهوة مثله تُرهقهُ وتُأرقه ، ويبحثُ لها عن مخرجٍ مباح فلا يجد لها متنفساً ، وتتسارع في قلبه إرادةُ وجه الله ورضاه ، وإرادة النفس وشهواتها ورضاها .
لكنه شابٌ مهمومٌ بذنوبه ، يستجلب رحمةُ ربه ، فلما يسأله أحدهم كيف أصبحت ؟؟
فيقول أصبحتُ ضعيفاً مذنباً ، يأكل رزقه ، وينتظر أجله .
لكنه شابٌ أدرك الداء ، وعرف الدواء ، وأبصر طريق الشفاء ، فقال : الداء الذنوب ، والدواء الاستغفار ، والشفاء بأن تتوب ، ثم لا تعود .
لكنه شابٌ أدرك أن النفس جبلٌ عظيم في الطريق إلى الله ، وكل سائرٌ في هذا الطريق لابد أن يصعد ذلك الجبل الوعر ، ويجتازه ، وهو جبلٌ كثير الأودية ، والعقبات ، والشوك ، واللصوص وقُطاع الطريق .
لكنه شابٌ عَلِمَ أن أكثر السائرين في هذا الطريق راجعون على أعقابهم ؛ لعجزهم عن قطعه واقتحام عقباته ، فالسالكون قليل فلا يستوحش الطريق ، ولا يغتر بكثرة الهالكين ، بل يمضي ولا يعجز .
إنه شابٌ أدرك أن بين العبد والسعادة والفلاح ، قوةُ عزيمهٍ ، وصبرُ ساعةٍ ، وشجاعةُ نفسٍ ، وثباتُ قلبٍ ، ويقينٌ بنصر الله .
والفضلُ بيد الله يُؤتيه من يشاء ، فلهج قلبه ولسانه بالدعاء لرب العباد .
إنه شابٌ أبصر حقيقة الطريق ، وباشر أسباب النجاة ، فنصح أبناء جلدته ، ورفقاء دربه ، وأقران سِنه ، فقال : عليكم بالسرائر اللاتي تخفى على الناس ، وهُنّ على الله بوادٍ ، ولا يغرنك كثرة ثناء الناس عليك ، فإن الناس لايعلمون منك إلا ظاهرك ، ولا يقل أحدُكم اللهم إني أتوب إليك ، ثم لا يتوب ، فتكون كذبة ، و لكن ليقل ، اللهم تُب عَلَيَّ , فكل عملٍ ، أو توبة لا يُبتغى به وجه الله ، يضمحل فالصدق .. الصدق يا شباب .
و مرة أخرى هو شاب مثلك ..
لكنه شابٌ هذّبَ نفسه ، و ربَّاها على الورع والخشية من الله ، وجعل من قيام الليل وكثرة الاستغفار والتقوى سُلماً للوصول ، و مركباً في الطريق إلى الله , فتنام أمه وتصحو ، فتجد ابنها اليافع مازال صافاً في محرابهِ ، غارقاً في دموعه ، يؤرقها شَدّة نَحِيبِهِ ، وكثرة تَضرُعِهِ في عتمات الليل .
وأنت ماذا ؟؟
وأنت تتعجب لماذا يبكي ؟؟ و الإجابة يسيره ، فمن لم يكن له مثل تقواهم ، لم يدرِ ما الذي أبكاهم .
وأنت كيف تقضي ليلك ؟ على صفحات النت و الفيس بوك ؟ أم صافاً أمام المواقع الإباحية ؟ و أنت غارقٌ في ماذا ؟ وغير ذلك .
لكنه شابٌ أدرك حقيقة المستقبل ، فكأنه يريد أن يقول لمن يتخفون خلف لوحات الكيبورد ، ما من شيء تقوله هنا ، أو تكتبه إلا كُتِبَ و قُرِأَ عليك هناك , فماذا نحن صانعون غداً { كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا } (الفجر: 21، 22)
يا ريبع .. ألا تنام ؟!
www.anasalafy.com
موقع أنا السلفي
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد ؛
صيحةٌ من جوف الليل لأُمٍ حنون ، على ولدها الذي نشأ شاباً يافعاً منذ نعومة أظفاره في طاعة الله ، وفطم نفسه منذ حداثتها على تقواه ، ويقول لها : كيف يستطيع النومَ من جَنّ عليه الليل ، وهو يخشى هجوم الخصوم ؟ لقد أرقها كثرة تضرعه ، وشدة نحيبه في عتمات الليل ، والناس نيام ، حتى ظنت به الظنون ، فقالت : ما الذي أصابك يا بُني ؟ لعلك أتيتَ جُرماً !!! لعلك قتلتَ نفساً !!!
فقال لها نعم ، قتلتُ نفساً فقالت في لهفةٍ : ومَن هذا القتيل ؟ لعلهم يعفون عنك ؟ والله لو علم أهل القتيل ما تعاني من البكاء ، وما تكابد من السهر لرحموك .
فقال : لا تكلمي أحداً ، فإنما قتلتُ نفسي ، قتلتها بالذنوب .
وإذا خلوتَ بريبةِ في ظلمةٍ ، والنفس داعيةٌ إلى الطغيان ، فاستحِي من نظر الإله وقل لها : إن الذي خلق الظلام يراني .
أخي الحبيب :
أنت ذلك الشاب .. الربيع بن خُثيّم ، لك شهوة مثله تُرهقهُ وتُأرقه ، ويبحثُ لها عن مخرجٍ مباح فلا يجد لها متنفساً ، وتتسارع في قلبه إرادةُ وجه الله ورضاه ، وإرادة النفس وشهواتها ورضاها .
لكنه شابٌ مهمومٌ بذنوبه ، يستجلب رحمةُ ربه ، فلما يسأله أحدهم كيف أصبحت ؟؟
فيقول أصبحتُ ضعيفاً مذنباً ، يأكل رزقه ، وينتظر أجله .
لكنه شابٌ أدرك الداء ، وعرف الدواء ، وأبصر طريق الشفاء ، فقال : الداء الذنوب ، والدواء الاستغفار ، والشفاء بأن تتوب ، ثم لا تعود .
لكنه شابٌ أدرك أن النفس جبلٌ عظيم في الطريق إلى الله ، وكل سائرٌ في هذا الطريق لابد أن يصعد ذلك الجبل الوعر ، ويجتازه ، وهو جبلٌ كثير الأودية ، والعقبات ، والشوك ، واللصوص وقُطاع الطريق .
لكنه شابٌ عَلِمَ أن أكثر السائرين في هذا الطريق راجعون على أعقابهم ؛ لعجزهم عن قطعه واقتحام عقباته ، فالسالكون قليل فلا يستوحش الطريق ، ولا يغتر بكثرة الهالكين ، بل يمضي ولا يعجز .
إنه شابٌ أدرك أن بين العبد والسعادة والفلاح ، قوةُ عزيمهٍ ، وصبرُ ساعةٍ ، وشجاعةُ نفسٍ ، وثباتُ قلبٍ ، ويقينٌ بنصر الله .
والفضلُ بيد الله يُؤتيه من يشاء ، فلهج قلبه ولسانه بالدعاء لرب العباد .
إنه شابٌ أبصر حقيقة الطريق ، وباشر أسباب النجاة ، فنصح أبناء جلدته ، ورفقاء دربه ، وأقران سِنه ، فقال : عليكم بالسرائر اللاتي تخفى على الناس ، وهُنّ على الله بوادٍ ، ولا يغرنك كثرة ثناء الناس عليك ، فإن الناس لايعلمون منك إلا ظاهرك ، ولا يقل أحدُكم اللهم إني أتوب إليك ، ثم لا يتوب ، فتكون كذبة ، و لكن ليقل ، اللهم تُب عَلَيَّ , فكل عملٍ ، أو توبة لا يُبتغى به وجه الله ، يضمحل فالصدق .. الصدق يا شباب .
و مرة أخرى هو شاب مثلك ..
لكنه شابٌ هذّبَ نفسه ، و ربَّاها على الورع والخشية من الله ، وجعل من قيام الليل وكثرة الاستغفار والتقوى سُلماً للوصول ، و مركباً في الطريق إلى الله , فتنام أمه وتصحو ، فتجد ابنها اليافع مازال صافاً في محرابهِ ، غارقاً في دموعه ، يؤرقها شَدّة نَحِيبِهِ ، وكثرة تَضرُعِهِ في عتمات الليل .
وأنت ماذا ؟؟
وأنت تتعجب لماذا يبكي ؟؟ و الإجابة يسيره ، فمن لم يكن له مثل تقواهم ، لم يدرِ ما الذي أبكاهم .
وأنت كيف تقضي ليلك ؟ على صفحات النت و الفيس بوك ؟ أم صافاً أمام المواقع الإباحية ؟ و أنت غارقٌ في ماذا ؟ وغير ذلك .
لكنه شابٌ أدرك حقيقة المستقبل ، فكأنه يريد أن يقول لمن يتخفون خلف لوحات الكيبورد ، ما من شيء تقوله هنا ، أو تكتبه إلا كُتِبَ و قُرِأَ عليك هناك , فماذا نحن صانعون غداً { كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا } (الفجر: 21، 22)
يا ريبع .. ألا تنام ؟!
www.anasalafy.com
موقع أنا السلفي
- محمد أفندىمدير الموقع
رقم العضوية : 21
عدد المساهمات : 2156
التقييم : 1055
تاريخ التسجيل : 02/12/2010
العمر : 75
البلد : بورسعيد
رد: من لم يكن له مثل تقواهم ، لم يدرِ ما الذي أبكاهم
الأحد 05 يناير 2014, 2:12 am
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى