دمية ليست كالدمى
الجمعة 28 فبراير 2014, 4:23 pm
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المُرسلين، سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
وبعد:
فيقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: ((إذا أتاكم مَن ترضون خلقه ودينه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))[1].
وحيث إننا قصَّرنا ولم نفعل ما أُمِرنا به، فقد توالت الفتن، بعدما غالينا في المهور، وها هي الحرب الضَّرُوس قد اشتد أُوَارها، ونحن ساهون ومهملون ومُقصِّرون، وأعداء ديننا يحيكون لشبابنا شباك الهوى والرذيلة، فها هو الخبر يقول: "قامت شركة صينية بتسويق (دمية جنسية) في عدد من الدول العربية، وخاصة في منطقة شمال إفريقيا، وتتوافر حاليًّا بكميات كبيرة في الأسواق التونسية والمغربية، يأتي ذلك تزامنًا مع تزايد معدَّلات تأخر زواج الشباب بالمنطقة العربية بسبب الظروف المالية والسياسية والاجتماعية، التي سبَّبت تفشِّي الظاهرة خلال الأعوام الأخيرة، وقد قدمت الشركة المنتجة للدمية خِدمات مميزة مضافة، بناءً على طلب العميل، وأكدت أن الأشكال المطروحة من الممكن أن تكون على هيئة ملكات جمال شهيرات، أو عارضات أزياء ونجمات غناء.
ولا تلبّي هذه الدمية الرغبات الجنسية لأي شخص يريد مضاجعتها؛ إذ ترفض الاستجابة للغرباء وتقتصر على مشتريها فقط، ومن مميزات الدمية أن ملمس الجلد المصنوعة منه يُوحِي بأنه جلد امرأة حقيقية، ولا يختلف عنها كثيرًا، أما هيكلها وتفاصيل جسدها فهي مصممة على الكمبيوتر بحيث يصعب التفريق بينها وبين أي امرأة عادية خاصة في الظلام[2].
إذًا؛ ها هي طبول الحرب تدقّ بعنف لتخرق ما تبقى من ثوب العفّة والفضيلة، وكأنها لم تكتفِ باتِّساع الخرْق على الراقع، فهاجت وماجت وسط إهمالنا وتقصيرنا، بعدما لمح أعداؤنا فينا السطحية والهوان، فهُنَّا عليهم بعدما هُنَّا على أنفسنا، فزيَّنوا لشبابنا أبواب الرذيلة في ثوبٍ جديد بدعوى إشباع رغباتهم بطريقة آمنة!
ما المطلوب منا إذًا؟!
ينبغي أن نقف علي حقيقة أنَّ مغالاة الأسر في المهور، فتحت الباب على مصراعيه لانحرافات شتى في التفكير والسلوك، وجاءت لهم (الدُّمية الجنسية) لتفتح أمامهم أبواب الانحراف أكثر وأكثر، فعزفوا عن الزواج الشرعي؛ إذ إن الإغراءات التي وضعها منتجو هذه الدمية القميئة ما كانت لتجد صدى بين شبابنا لو تيسرت لهم طرق العفاف الشرعية في زواجٍ شرعي به تستقيم النفس وتصفو الحياة.
يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا... ﴾ [الروم: 21]؛ أي: خلق لكم من جنسكم إناثًا تكون لكم أزواجًا ﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾، كما قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [الأعراف: 189]؛ يعني بذلك حواء، خلقها الله من آدم من ضلعه الأقصر الأيسر.
ولو أنه تعالى جعل بني آدم كلهم ذكورًا وجعل إناثهم من جنس آخر من غيرهم، إما من جان، أو حيوان، لَمَا حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانت تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس، ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهن مودة وهي المحبة، ورحمة وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها، أو لرحمة بها، بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق، أو للألفة بينهما، وغير ذلك؛ ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].
أي مودة إذًا مع تلك (الآلة القميئة)؟!
إنه الوهم القاتل والخيال الفتَّاك، والفتنة الدهماء، التي ينبغي علينا الوقوف على الطرق الموصلة إليها؛ وأهمها:
1- البعد عن الدين.
2- تقزيم القِيَم والمبادئ والأخلاق.
3- تأجيج الشهوات بوسائل لا تخفى على أحد.
4- مغالاة الأسر في المهور.
5- التشبُّه بمن ليسوا على ديننا، مع أنَّ الأصل في أي (نفس إنسانية سوية) أنْ تعفَّ عن كل ما لا يتفق والفطرة السوية، فما بالنا بالدين الحق الذي أعلى قيمة الإنسان، وصان نفسه وكرامته؟!
ألهذه الدرجة يكون الإنسان ظلومًا جهولاً؟!
6- التقليد والجري وراء (الموضة) بفتح أبوابنا لمن ينهشون بأفكارهم الخبيثة قِيَمنا ومبادئنا.
لقد كتبت سابقًا (آن لزمن النعام أن يولي)، فلا حياء في المعرفة لدرء الفتن، وتوعية أبنائنا حتى لا يقعوا في هذا الفخ الرهيب، ويصيروا أسرى لـ (إدمان جنسي مقيت ومعيب)، فتداهمهم الأمراض الجنسية بما فيها الضعف الجنسي، فلو حدث وتزوَّجوا سيصير مصير زواجهم الفشل الذريع؛ إذ إنهم لن يجدوا في الزوجة ما رأَوه في الدمية الجنسية من صورةٍ أو فعل.
إن حرب الفكر تحتاجُ منا إلى مواجهتها بفكرٍ سويٍّ سليم، يتفق ومعايير الرقي الإنساني قولاً وعملاً، وعظمة ديننا، وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم، فلا يفلُّ الحديد إلا الحديد، فينبغي أن نفطن إلى تزكية فكر شبابنا بما وضعنا عليه إسلامنا من رقيٍّ وكرامة، تحفظ للمرء قيمته وكرامته، وتعزِّز عنده القيم والمبادئ والأخلاق الفاضلة، وساعتها لن ينال منا أعداؤنا مهما تحايلوا وتفنَّنوا في أساليب الحرب.
[1] أخرجه الترمذي (1/201)، وابن ماجه (1967)، والحاكم (2/164 - 165)، وأبو عمرو الدوري في " قراءات النبي صلى الله عليه وسلم، (ق 135/2 )، والخطيب في "تاريخ بغداد" (11/61).
[2] جريدة المصريين الاثنين، 11 نوفمبر 2013.
د . خاطر الشافعى
وبعد:
فيقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: ((إذا أتاكم مَن ترضون خلقه ودينه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))[1].
وحيث إننا قصَّرنا ولم نفعل ما أُمِرنا به، فقد توالت الفتن، بعدما غالينا في المهور، وها هي الحرب الضَّرُوس قد اشتد أُوَارها، ونحن ساهون ومهملون ومُقصِّرون، وأعداء ديننا يحيكون لشبابنا شباك الهوى والرذيلة، فها هو الخبر يقول: "قامت شركة صينية بتسويق (دمية جنسية) في عدد من الدول العربية، وخاصة في منطقة شمال إفريقيا، وتتوافر حاليًّا بكميات كبيرة في الأسواق التونسية والمغربية، يأتي ذلك تزامنًا مع تزايد معدَّلات تأخر زواج الشباب بالمنطقة العربية بسبب الظروف المالية والسياسية والاجتماعية، التي سبَّبت تفشِّي الظاهرة خلال الأعوام الأخيرة، وقد قدمت الشركة المنتجة للدمية خِدمات مميزة مضافة، بناءً على طلب العميل، وأكدت أن الأشكال المطروحة من الممكن أن تكون على هيئة ملكات جمال شهيرات، أو عارضات أزياء ونجمات غناء.
ولا تلبّي هذه الدمية الرغبات الجنسية لأي شخص يريد مضاجعتها؛ إذ ترفض الاستجابة للغرباء وتقتصر على مشتريها فقط، ومن مميزات الدمية أن ملمس الجلد المصنوعة منه يُوحِي بأنه جلد امرأة حقيقية، ولا يختلف عنها كثيرًا، أما هيكلها وتفاصيل جسدها فهي مصممة على الكمبيوتر بحيث يصعب التفريق بينها وبين أي امرأة عادية خاصة في الظلام[2].
إذًا؛ ها هي طبول الحرب تدقّ بعنف لتخرق ما تبقى من ثوب العفّة والفضيلة، وكأنها لم تكتفِ باتِّساع الخرْق على الراقع، فهاجت وماجت وسط إهمالنا وتقصيرنا، بعدما لمح أعداؤنا فينا السطحية والهوان، فهُنَّا عليهم بعدما هُنَّا على أنفسنا، فزيَّنوا لشبابنا أبواب الرذيلة في ثوبٍ جديد بدعوى إشباع رغباتهم بطريقة آمنة!
ما المطلوب منا إذًا؟!
ينبغي أن نقف علي حقيقة أنَّ مغالاة الأسر في المهور، فتحت الباب على مصراعيه لانحرافات شتى في التفكير والسلوك، وجاءت لهم (الدُّمية الجنسية) لتفتح أمامهم أبواب الانحراف أكثر وأكثر، فعزفوا عن الزواج الشرعي؛ إذ إن الإغراءات التي وضعها منتجو هذه الدمية القميئة ما كانت لتجد صدى بين شبابنا لو تيسرت لهم طرق العفاف الشرعية في زواجٍ شرعي به تستقيم النفس وتصفو الحياة.
يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا... ﴾ [الروم: 21]؛ أي: خلق لكم من جنسكم إناثًا تكون لكم أزواجًا ﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾، كما قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [الأعراف: 189]؛ يعني بذلك حواء، خلقها الله من آدم من ضلعه الأقصر الأيسر.
ولو أنه تعالى جعل بني آدم كلهم ذكورًا وجعل إناثهم من جنس آخر من غيرهم، إما من جان، أو حيوان، لَمَا حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانت تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس، ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهن مودة وهي المحبة، ورحمة وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها، أو لرحمة بها، بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق، أو للألفة بينهما، وغير ذلك؛ ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].
أي مودة إذًا مع تلك (الآلة القميئة)؟!
إنه الوهم القاتل والخيال الفتَّاك، والفتنة الدهماء، التي ينبغي علينا الوقوف على الطرق الموصلة إليها؛ وأهمها:
1- البعد عن الدين.
2- تقزيم القِيَم والمبادئ والأخلاق.
3- تأجيج الشهوات بوسائل لا تخفى على أحد.
4- مغالاة الأسر في المهور.
5- التشبُّه بمن ليسوا على ديننا، مع أنَّ الأصل في أي (نفس إنسانية سوية) أنْ تعفَّ عن كل ما لا يتفق والفطرة السوية، فما بالنا بالدين الحق الذي أعلى قيمة الإنسان، وصان نفسه وكرامته؟!
ألهذه الدرجة يكون الإنسان ظلومًا جهولاً؟!
6- التقليد والجري وراء (الموضة) بفتح أبوابنا لمن ينهشون بأفكارهم الخبيثة قِيَمنا ومبادئنا.
لقد كتبت سابقًا (آن لزمن النعام أن يولي)، فلا حياء في المعرفة لدرء الفتن، وتوعية أبنائنا حتى لا يقعوا في هذا الفخ الرهيب، ويصيروا أسرى لـ (إدمان جنسي مقيت ومعيب)، فتداهمهم الأمراض الجنسية بما فيها الضعف الجنسي، فلو حدث وتزوَّجوا سيصير مصير زواجهم الفشل الذريع؛ إذ إنهم لن يجدوا في الزوجة ما رأَوه في الدمية الجنسية من صورةٍ أو فعل.
إن حرب الفكر تحتاجُ منا إلى مواجهتها بفكرٍ سويٍّ سليم، يتفق ومعايير الرقي الإنساني قولاً وعملاً، وعظمة ديننا، وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم، فلا يفلُّ الحديد إلا الحديد، فينبغي أن نفطن إلى تزكية فكر شبابنا بما وضعنا عليه إسلامنا من رقيٍّ وكرامة، تحفظ للمرء قيمته وكرامته، وتعزِّز عنده القيم والمبادئ والأخلاق الفاضلة، وساعتها لن ينال منا أعداؤنا مهما تحايلوا وتفنَّنوا في أساليب الحرب.
[1] أخرجه الترمذي (1/201)، وابن ماجه (1967)، والحاكم (2/164 - 165)، وأبو عمرو الدوري في " قراءات النبي صلى الله عليه وسلم، (ق 135/2 )، والخطيب في "تاريخ بغداد" (11/61).
[2] جريدة المصريين الاثنين، 11 نوفمبر 2013.
د . خاطر الشافعى
- فراشةعضو نشيط
رقم العضوية : 79
عدد المساهمات : 727
التقييم : 240
تاريخ التسجيل : 11/01/2012
العمر : 94
رد: دمية ليست كالدمى
السبت 01 مارس 2014, 8:39 pm
أتفق مع كاتب المقال في كل النقاط التي وضعها
وأؤكد أننا نحتاج كثيرا للعودة إلى ديننا
وإعلاء العرف على الشرع
كثير من المفاهيم تحتاج لتصحيح
والعادات والتقاليد من الاشياء التي يصعب تغييرها وخاصةً في المجتمعات المنغلقة
كل الشكر لطرحك ليدر وليته يجحد صدىٍ وآذان صاغية
خالص تقديري
وأؤكد أننا نحتاج كثيرا للعودة إلى ديننا
وإعلاء العرف على الشرع
كثير من المفاهيم تحتاج لتصحيح
والعادات والتقاليد من الاشياء التي يصعب تغييرها وخاصةً في المجتمعات المنغلقة
كل الشكر لطرحك ليدر وليته يجحد صدىٍ وآذان صاغية
خالص تقديري
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى