البلايا على مقادير الرجال
الأربعاء 18 يناير 2012, 6:34 pm
كتبه/ أحمد فريد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
قال النبي ـصلى الله عليه وسلم ـ: (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى المرء على قدر دينه)(رواه الترمذي وصححه الألباني).
من تأمل أحوال الأنبياء، وشدة ما مر بهم من بلاء، ازداد يقيناً وإيماناً بصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
فهذا نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ابتلي بابن كافر وزوجة كافرة، وابتلي بقوم في غاية الكفر والغباء، كلما دعاهم إلى الله -تعالى- جعلوا أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا كلامه، وغطوا وجوههم حتى لا يرون من يدعوهم إلى الله ـتعالى-، وظل يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، سراً وجهاراً، وليلاً ونهاراً، وما آمن معه إلا قليل وما دعا عليهم حتى أوحى الله ـتعالى- إليه أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن.
وهذا إبراهيم -عليه وعلى نبينا الصلاة والتسيلم-، أمر بذبح ولده وبكره بعد أن رزق به على كبر، وبعد أن بلغ معه السعي وصار ملء السمع والبصر؛ وهم بذبح ولده تلبية لأمر الله ـتعالى-، لأن أوامر الله ـتعالى- لا تعرض على العقول وفداه الله -تعالى- بذبح عظيم.
وألقي في النار ونجاه الله -تعالى- بقوله: (يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)(الأنبياء:69).
وأمره الله -تعالى- بترك ولده إسماعيل، وأم ولده هاجر، بواد غير ذي زرع، فلا أنيس ولا جليس، وقالت له هاجر: "آلله أمرك بذلك؛ قال: نعم قالت: فلن يضيعنا".
وهذا يوسف -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- ألقي في غيابة الجب وهو صغير، وبيع بيع الرقيق بثمن بخس، دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين، وابتلي بما ابتلي به من امرأة العزيز، ثم زج به في السجن فلبث في السجن بضع سنين.
وهذا يعقوب -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- ابتلي بفقد ولده الذي أحبه حباً شديداً، فلا يتحمل فراقه ساعة من نهاره سنين متطاولة، وقال فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ثم ابتلي بفقد شقيق يوسف.
وذهب بصره وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم، ثم ابتلي بأكبر أبنائه الذي قال: (فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)(يوسف:80).
وهذا أيوب -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- ابتلي بفقد ماله وأولاده وأصحابه، ثم ابتلي في بدنه حتى تضرع إلى الله -عز وجل- فقال:
(أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(الأنبياء:83).
وهذا يونس -عليه السلام- ابتلي بمخالفة قومه، ولما استبطأ إيمانهم ركب البحر، فساهم فكان من المدحضين، ثم سجن في بطن الحوت.
ولولا أنه كان من المسبحين -أي المصلين- للبث في بطنه إلى يوم يبعثون، أي لصار بطن الحوت قبراً له: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ) ظلمة الليل، وظلمة قاع البحر، وظلمة بطن الحوت، فقال: (لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(الأنبياء:87).
وهذا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أوذي في الله؛ وألقي على ظهره سلى الجزور -وهي الجلدة التي يكون فيها الولد-، وخنقه عقبة بن أبي معيط خنقاً شديداً حتى دفعه عنه أبو بكر الصديق وقال: "أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله". ومكر به قومه كما قال -تعالى-:
(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ)(الأنفال:30).
فالبلايا على مقادير الرجال.
قال ابن الجوزي: "البلايا على مقادير الرجال فكثير من الناس تراهم ساكتين راضين بما عندهم من دين ودنيا، وأولئك لم يرادوا لمقامات الصبر الرفيعة، أو علم ضعفهم من مقاومة البلاء، فلطف بهم".
www.salafvoice.com
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
قال النبي ـصلى الله عليه وسلم ـ: (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى المرء على قدر دينه)(رواه الترمذي وصححه الألباني).
من تأمل أحوال الأنبياء، وشدة ما مر بهم من بلاء، ازداد يقيناً وإيماناً بصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
فهذا نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ابتلي بابن كافر وزوجة كافرة، وابتلي بقوم في غاية الكفر والغباء، كلما دعاهم إلى الله -تعالى- جعلوا أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا كلامه، وغطوا وجوههم حتى لا يرون من يدعوهم إلى الله ـتعالى-، وظل يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، سراً وجهاراً، وليلاً ونهاراً، وما آمن معه إلا قليل وما دعا عليهم حتى أوحى الله ـتعالى- إليه أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن.
وهذا إبراهيم -عليه وعلى نبينا الصلاة والتسيلم-، أمر بذبح ولده وبكره بعد أن رزق به على كبر، وبعد أن بلغ معه السعي وصار ملء السمع والبصر؛ وهم بذبح ولده تلبية لأمر الله ـتعالى-، لأن أوامر الله ـتعالى- لا تعرض على العقول وفداه الله -تعالى- بذبح عظيم.
وألقي في النار ونجاه الله -تعالى- بقوله: (يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)(الأنبياء:69).
وأمره الله -تعالى- بترك ولده إسماعيل، وأم ولده هاجر، بواد غير ذي زرع، فلا أنيس ولا جليس، وقالت له هاجر: "آلله أمرك بذلك؛ قال: نعم قالت: فلن يضيعنا".
وهذا يوسف -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- ألقي في غيابة الجب وهو صغير، وبيع بيع الرقيق بثمن بخس، دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين، وابتلي بما ابتلي به من امرأة العزيز، ثم زج به في السجن فلبث في السجن بضع سنين.
وهذا يعقوب -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- ابتلي بفقد ولده الذي أحبه حباً شديداً، فلا يتحمل فراقه ساعة من نهاره سنين متطاولة، وقال فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ثم ابتلي بفقد شقيق يوسف.
وذهب بصره وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم، ثم ابتلي بأكبر أبنائه الذي قال: (فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)(يوسف:80).
وهذا أيوب -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- ابتلي بفقد ماله وأولاده وأصحابه، ثم ابتلي في بدنه حتى تضرع إلى الله -عز وجل- فقال:
(أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(الأنبياء:83).
وهذا يونس -عليه السلام- ابتلي بمخالفة قومه، ولما استبطأ إيمانهم ركب البحر، فساهم فكان من المدحضين، ثم سجن في بطن الحوت.
ولولا أنه كان من المسبحين -أي المصلين- للبث في بطنه إلى يوم يبعثون، أي لصار بطن الحوت قبراً له: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ) ظلمة الليل، وظلمة قاع البحر، وظلمة بطن الحوت، فقال: (لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(الأنبياء:87).
وهذا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أوذي في الله؛ وألقي على ظهره سلى الجزور -وهي الجلدة التي يكون فيها الولد-، وخنقه عقبة بن أبي معيط خنقاً شديداً حتى دفعه عنه أبو بكر الصديق وقال: "أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله". ومكر به قومه كما قال -تعالى-:
(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ)(الأنفال:30).
فالبلايا على مقادير الرجال.
على قدر فضل المرء تأتي خطوبه ويعرف عند الصبر فيما يصيبه
ومـن قـل فيمـا يـتـقـيـه اصطبـاره فـقـد قـل مـما يـرتجـيـه نصيـبه
ومـن قـل فيمـا يـتـقـيـه اصطبـاره فـقـد قـل مـما يـرتجـيـه نصيـبه
قال ابن الجوزي: "البلايا على مقادير الرجال فكثير من الناس تراهم ساكتين راضين بما عندهم من دين ودنيا، وأولئك لم يرادوا لمقامات الصبر الرفيعة، أو علم ضعفهم من مقاومة البلاء، فلطف بهم".
www.salafvoice.com
- زائرزائر
رد: البلايا على مقادير الرجال
الأربعاء 02 مايو 2012, 6:03 pm
طرح متميز و رائع و يثرى المنتدى بدون شك
سلمت لنا و موضوعاتك الهادفة
مودتى ... نبع الوفاء
سلمت لنا و موضوعاتك الهادفة
مودتى ... نبع الوفاء
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى