- روعة الأشياءمدير الموقع
رقم العضوية : 92
عدد المساهمات : 4721
التقييم : 3033
تاريخ التسجيل : 28/01/2012
تأخذين في حقائبك الوقت ..و تسافرين!!
الإثنين 05 مارس 2012, 4:57 pm
تأخذين في حقائبك الوقت ..و تسافرين!!
تجولتُ في شوارع وجهك ..
أيتها المرأة التي كانت في سالف الزمان حبيبتي ..
سألت عن فندقي القديم ..
وعن الكشك الذي كنت أشتري منه جرائدي ..
وأوراق اليانصيب التي لا تربح ..
لم أجد الفندق .. ولا الكشك ..
وعلمتُ أن الجرائد ..
توقفتْ عن الصدور بعد رحيلك ..
كان واضحاً أن المدينة قد انتقلت ..
والأرصفة قد انتقلت ..
والشمس قد غيرت رقم صندوقها البريدي
والنجوم التي كنا نستأجرها في موسم الصيف
أصبحت برسم التسليم ..
كان واضحاً .. أن الأشجار غيرت عناوينها ..
والعصافير أخذت أولادها ..
ومجموعة الأسطوانات الكلاسيكية التي تحتفظ بها .
وهاجرت ..
والبحر رمى نفسه في البحر .. ومات ..
تجولتُ في أزقة صوتك الممطره
بحثاً عن مظلة تقيني من الماء ..
كان في يدي خريطة المدينة التي أحببتك فيها ..
وأسماء الأندية الليلية التي راقصتك فيها ..
ولكن شرطي السير ، سخر من بلاهتي
وأخبرني .. أن المدينة التي أبحث عنها ..
قد ابتلعها البحر ..
في القرن العاشر قبل الميلاد ..
ذهبتُ إلى المحطات التي كنت أستقبلك فيها ..
وإلى المحطات .. التي كنت أودعك منها ..
سألت عنك في عربة الدرجة الأولى ..
المخصصة للنوم ..
فوجدت على باب مقصورتك ..
عشرات من سلال الأزهار ..
ولافتة مطبوعة بكل اللغات :
(( الرجاء عدم الإزعاج )) ..
وفهمت أنك مسافرة .. بصحبة رجل آخر ..
أيتها المرأة التي كانت في سالف الزمن حبيبتي
لماذا تضعين الوقت في حقائبك ..
وتسافرين .؟
لماذا تأخذين معك أسماء أيام الأسبوع ؟
وخارطة الشهور والأعوام ..
وكروية الأرض ..
إنني لا أستوعب خروجك من دورتي الدمويه
كما لا تستوعب السمكة خروجها من الماء ..
أنت مسافرة في دمي ..
وليس من السهل أن أستبدل دمي بدم آخر..
ففصيلة دمي نادرة ..
كالطيور النادرة ..
والنباتات النادرة ..
وأنت المرأة الوحيدة ..
التي يمكن أن تتبرع لي بدمها ..
ولكنكِ دخلت علي كسائحه ..
وخرجت من عندي كسائحه ..
كانت كلماتي الباردة ..
تتطاير كفتافيت الورق ..
وكانت عواطفك ..
كاللؤلؤ الصناعي المستورد من اليابان ..
وكانت بيروت التي اكتشفتها معك ..
وأدمنتها معك ..
وعشتها بالطول والعرض .. معك ..
ترمي نفسها من الطابق العاشر ..
وتنكسر .. ألف قطعه ..
توقفي عن النمو في داخلي ..
أيتها المرأة ..
التي تتناسل تحت جلدي كغابه ..
ساعديني ..
على كسر العادات الصغيرة التي كونتها معك ..
وعلى اقتلاع رائحتك ..
من قماش الستائر ..
ورفوف الكتب ..
وبللور المزهريات ..
ساعديني ..
على تذكر اسمي الذي كانوا ينادونني به في المدرسه ..
ساعديني ..
على تذكر أشكال قصائدي ..
قبل أن تأخذ شكل حُبّـك ..
ساعديني ..
على استعادة لغتي ..
التي فصلت مفرداتها عليك ..
ولم تعد صالحة لسواك من النساء ..
دليني ..
على كتاب واحد لم يكتبوك فيه ..
وعلى عصفور واحد ..
لم تعلمه أمه تهجية اسمك ..
وعلى شجرة واحدة ..
لا تعتبرك من بين أوراقها ..
وعلى جدول واحد ..
لم يلحس السكر عن أصابع قدميك ..
ماذا فعلتِ بنفسك ؟
أيتها الملكة ..
التي كانت تتحكم بحركة الريح ..
وسقوط المطر ..
وطول سنابل القمح ..
وعدد ازهار المارغريت ..
أيتها الملكة ..
التي كانت عيناها تصنعان الطقس ..
وتسيطران ..
على حركة المد والجزر ..
وإليهما .. كانت تتجه المراكب ..
لتتزود بالعاج .. والنبيذ ..
وفاكهة الأناناس !!
ماذا فعلت بنفسك ..
أيتها السيدة التي وقع منها صوتها على الأرض ..
فأصبح شجره ..
ووقع ظلها على جسدي ..
فأصبح نافورة ماء ..
لماذا هاجرت من صدري ؟..
وصرت بلا وطن ..
لماذا خرجت من زمن الشعر ؟
واخترت الزمن الضيق ..
لماذا كسرت زجاجة الحبر الأخضر..
التي كنت أرسمك بها ..
وصرت امرأة ..
بالأبيض ..
والأسود ..
"
"
"
نزار قباني
تجولتُ في شوارع وجهك ..
أيتها المرأة التي كانت في سالف الزمان حبيبتي ..
سألت عن فندقي القديم ..
وعن الكشك الذي كنت أشتري منه جرائدي ..
وأوراق اليانصيب التي لا تربح ..
لم أجد الفندق .. ولا الكشك ..
وعلمتُ أن الجرائد ..
توقفتْ عن الصدور بعد رحيلك ..
كان واضحاً أن المدينة قد انتقلت ..
والأرصفة قد انتقلت ..
والشمس قد غيرت رقم صندوقها البريدي
والنجوم التي كنا نستأجرها في موسم الصيف
أصبحت برسم التسليم ..
كان واضحاً .. أن الأشجار غيرت عناوينها ..
والعصافير أخذت أولادها ..
ومجموعة الأسطوانات الكلاسيكية التي تحتفظ بها .
وهاجرت ..
والبحر رمى نفسه في البحر .. ومات ..
تجولتُ في أزقة صوتك الممطره
بحثاً عن مظلة تقيني من الماء ..
كان في يدي خريطة المدينة التي أحببتك فيها ..
وأسماء الأندية الليلية التي راقصتك فيها ..
ولكن شرطي السير ، سخر من بلاهتي
وأخبرني .. أن المدينة التي أبحث عنها ..
قد ابتلعها البحر ..
في القرن العاشر قبل الميلاد ..
ذهبتُ إلى المحطات التي كنت أستقبلك فيها ..
وإلى المحطات .. التي كنت أودعك منها ..
سألت عنك في عربة الدرجة الأولى ..
المخصصة للنوم ..
فوجدت على باب مقصورتك ..
عشرات من سلال الأزهار ..
ولافتة مطبوعة بكل اللغات :
(( الرجاء عدم الإزعاج )) ..
وفهمت أنك مسافرة .. بصحبة رجل آخر ..
أيتها المرأة التي كانت في سالف الزمن حبيبتي
لماذا تضعين الوقت في حقائبك ..
وتسافرين .؟
لماذا تأخذين معك أسماء أيام الأسبوع ؟
وخارطة الشهور والأعوام ..
وكروية الأرض ..
إنني لا أستوعب خروجك من دورتي الدمويه
كما لا تستوعب السمكة خروجها من الماء ..
أنت مسافرة في دمي ..
وليس من السهل أن أستبدل دمي بدم آخر..
ففصيلة دمي نادرة ..
كالطيور النادرة ..
والنباتات النادرة ..
وأنت المرأة الوحيدة ..
التي يمكن أن تتبرع لي بدمها ..
ولكنكِ دخلت علي كسائحه ..
وخرجت من عندي كسائحه ..
كانت كلماتي الباردة ..
تتطاير كفتافيت الورق ..
وكانت عواطفك ..
كاللؤلؤ الصناعي المستورد من اليابان ..
وكانت بيروت التي اكتشفتها معك ..
وأدمنتها معك ..
وعشتها بالطول والعرض .. معك ..
ترمي نفسها من الطابق العاشر ..
وتنكسر .. ألف قطعه ..
توقفي عن النمو في داخلي ..
أيتها المرأة ..
التي تتناسل تحت جلدي كغابه ..
ساعديني ..
على كسر العادات الصغيرة التي كونتها معك ..
وعلى اقتلاع رائحتك ..
من قماش الستائر ..
ورفوف الكتب ..
وبللور المزهريات ..
ساعديني ..
على تذكر اسمي الذي كانوا ينادونني به في المدرسه ..
ساعديني ..
على تذكر أشكال قصائدي ..
قبل أن تأخذ شكل حُبّـك ..
ساعديني ..
على استعادة لغتي ..
التي فصلت مفرداتها عليك ..
ولم تعد صالحة لسواك من النساء ..
دليني ..
على كتاب واحد لم يكتبوك فيه ..
وعلى عصفور واحد ..
لم تعلمه أمه تهجية اسمك ..
وعلى شجرة واحدة ..
لا تعتبرك من بين أوراقها ..
وعلى جدول واحد ..
لم يلحس السكر عن أصابع قدميك ..
ماذا فعلتِ بنفسك ؟
أيتها الملكة ..
التي كانت تتحكم بحركة الريح ..
وسقوط المطر ..
وطول سنابل القمح ..
وعدد ازهار المارغريت ..
أيتها الملكة ..
التي كانت عيناها تصنعان الطقس ..
وتسيطران ..
على حركة المد والجزر ..
وإليهما .. كانت تتجه المراكب ..
لتتزود بالعاج .. والنبيذ ..
وفاكهة الأناناس !!
ماذا فعلت بنفسك ..
أيتها السيدة التي وقع منها صوتها على الأرض ..
فأصبح شجره ..
ووقع ظلها على جسدي ..
فأصبح نافورة ماء ..
لماذا هاجرت من صدري ؟..
وصرت بلا وطن ..
لماذا خرجت من زمن الشعر ؟
واخترت الزمن الضيق ..
لماذا كسرت زجاجة الحبر الأخضر..
التي كنت أرسمك بها ..
وصرت امرأة ..
بالأبيض ..
والأسود ..
"
"
"
نزار قباني
- رومانسيةعضو متميز
رقم العضوية : 56
عدد المساهمات : 1281
التقييم : 461
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
العمر : 54
رد: تأخذين في حقائبك الوقت ..و تسافرين!!
السبت 10 مارس 2012, 12:35 am
غاليتى /روعة
سلام الله عليكى
تحية لجميل اختيارتك لشاعر ننعم براقى ورائع كلماته
استمتعت جدا بالقراءة هنا وذوبت مع سحر مشاعر تلك السطور التى حملها لنا قلمه العطر
راقية انتى غاليتى كل التحية والتقدير لرقيق حسك ومشاعرك
سلام الله عليكى
تحية لجميل اختيارتك لشاعر ننعم براقى ورائع كلماته
استمتعت جدا بالقراءة هنا وذوبت مع سحر مشاعر تلك السطور التى حملها لنا قلمه العطر
راقية انتى غاليتى كل التحية والتقدير لرقيق حسك ومشاعرك
- روعة الأشياءمدير الموقع
رقم العضوية : 92
عدد المساهمات : 4721
التقييم : 3033
تاريخ التسجيل : 28/01/2012
رد: تأخذين في حقائبك الوقت ..و تسافرين!!
الأربعاء 14 مارس 2012, 2:41 am
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أشكرك عزيزتي رومانسية ،، مرورك أسعدني كتيير
دمتِ بكل ود ..
أشكرك عزيزتي رومانسية ،، مرورك أسعدني كتيير
دمتِ بكل ود ..
- زائرزائر
رد: تأخذين في حقائبك الوقت ..و تسافرين!!
الإثنين 21 مايو 2012, 9:51 am
انتقاء بديع راق لى
تقديرى
تقديرى
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى