ماذا جنت "لجنة الخمسين ومن عينها" على الإسلام والمجتمع المصري؟
السبت 21 سبتمبر 2013, 8:39 am
كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد كان اختيار الشعب المصري في أول استفتاء حقيقي ونزيه بعد ثورة "25 يناير" في "19 مارس 2011م" محددًا بوضوح لا لبس فيه أن تكون الهيئة التأسيسية التي تصنع مشروع الدستور المصري الجديد -وهي في الحقيقة أعلى من السلطة التنفيذية والتشريعية؛ لأنها التي تحدد صلاحياتهما- بالانتخاب من الأعضاء المنتخبين لمجلس الشعب والشورى.
وقد كانت أنزه انتخابات وقعتْ في التاريخ الحديث للشعب المصري منذ ثورة "23 يوليو" إيذانًا باختيار الشعب لطريقة هي أقرب الطرق الحديثة إلى الشورى بعيدًا عن طريقة الغوغائية أو الديكتاتورية المستبدة.
وبعد "30 يونيو 2013م" جاء القرار بأن اللجنة التي تعد التعديلات الدستورية وتناقشها ستكون بالتعيين من رئيس الجمهورية المؤقت المعيَّن أيضًا بخطاب القوات المسلحة في "3-7-2013م" الذي لم يتضمن نصًّا صريحًا في طريقة تشكيل اللجنة -لجنة الخبراء، ولجنة الحوار المجتمعي- التي جاءت بمنزلة الهيئة التأسيسية.
وجاء هذا القرار مخالفًا لإرادة الشعب المصري في طريقة تشكيل هذه اللجنة، وكل ذلك خلافًا لما نص عليه الدستور المعطل "مؤقتـًا" وليس ملغيًّا كما أراد البعض في جلسة "3-7-2013م" التي شهدت ميلاد خارطة الطريق!
ومع أن الدستور المُستفتى عليه في "2012م" كان لا يصح تعديله افتئاتًا على الشعب بهذه الطريقة؛ إلا أن الظروف الحرجة العصيبة التي تمر بها البلاد وخطر انهيار الدولة الذي راهن عليه البعض في الداخل والخارج، وتقديم مصلحة الأمة على مصلحة الجماعة والحزب - هي التي دفعتْ "حزب النور" إلى قبول خارطة الطريق، ثم قبوله المشاركة في "لجنة الخمسين" رغم الظلم الذي تعرضت له الأحزاب الإسلامية في معايير التعيين التي جعلت تعيينهم في التمثيل 4% من اللجنة "أي: عضوان من خمسين!".
ثم جاء التعيين صادمًا بخلاف هذه المعايير أيضًا؛ حيث تم تعيين عضو واحد فقط من "حزب النور" وتعيين عضو آخر لا يمثـِّل أي حزب من الأحزاب الإسلامية، ولم يرشحه أي منها!
وجاء تشكيل اللجنة عجبًا من العجائب؛ إذ أنهم ممن يجزم الجميع بأنهم لا يمثـِّلون أغلبية في الشعب المصري؛ بدليل جميع الانتخابات التي تمت.
وتكونت أغلبية مطلقة من خلال اختيار أشخاص لهم انتماءات سياسية وفكرية وحزبية واضحة غاية الوضوح، معروفة بالليبرالية "والليبرالية المتطرفة"، واليسارية "واليسارية المتطرفة"، شديدة العداء لكل ما هو إسلامي!
ثم جاء عمل "لجنة العشرة" أيضًا صادمًا؛ إذ جاء مخالفًا لما تم الاتفاق عليه من كل القوى السياسية المشاركة في خارطة الطريق من عدم المساس بمواد الهوية: (2 - 4 - 81 - 219)، والتي وضعها الرئيس المؤقت -رئيس المحكمة الدستورية- ضمن المادة الأولى في الإعلان الدستوري الذي أصدره بعد توليه، ولو لم يكن هناك اتفاق هو مطلع عليه وقد أكده في أول اجتماع له بالقوى السياسية، وأكد للجميع بمن فيهم جبهة الإنقاذ وحركة تمرد، وسبق التزام الأزهر والكتلة بعدم المساس بهذه المواد - لو لم يكن هناك اتفاق أو كان هناك عوار دستوري -كما يزعم البعض!- لما وضعه الرئيس المؤقت في الإعلان الدستوري الذي بالتأكيد شارك فيه خبراء دستوريون.
جاء عمل لجنة العشرة معدلاً في (المادة 4) وحاذفـًا قيد الانضباط بمقومات الدولة والمجتمع في (مادة 81)! ولا أدري: هل يريدون هدم مقومات الدولة والمجتمع أم إهمالها في مقابلة الحقوق والحريات الفضفاضة الألفاظ والتطبيقات؟!
أم هل يسعدهم أن يشاهدوا في الشوارع المصرية حملات الأحضان المجانية "free hugs" التي تريد التخلص من التقاليد "البالية في زعمهم" التي يلزمهم بها المجتمع؟!
أم هل يسعون إلى إقرار حفلات ممارسة الجنس الجماعي ضمن طقوس "عبدة الشيطان" والتي وقعتْ بالفعل في زمن "مبارك"، وفي بداية ثورة "25 يناير"، وقد قدمتُ بنفسي أوراق دعاية حفلات مشبوهة للجهات المسئولة لاتخاذ اللازم في أول "2011م"؟! فلسنا بعيدين عن هذه الضلالات -كما يزعم البعض!-.
ثم لماذا نضع في دستور يعبِّر عن شعبنا وعقيدته ودينه هذه الألفاظ المجملة والعامة التي تجعل الجهات القضائية ملزمة دستوريًّا بإقرار هذه الحريات المزعومة؟!
وكذلك أوصتْ اللجنة بحذف (المادة 219) بزعم العوار الدستوري "الذي خفي على رئيس المحكمة الدستورية والخبراء المشاركين حين وضع الإعلان الدستوري!".
ثم كان ما هو أطم وأخطر مِن التقاط كل ما يشير من قريب أو بعيد للهوية الإسلامية والأخلاق والعروبة -حتى مادة حظر سب أنبياء الله ورسله- وحذفه من مشروع التعديلات، مع تحجيم واضح لصلاحيات الهيئات المنتخبة، ومنع وإلغاء فكرة الانتخاب في كثير من الهيئات بعد إقرارها في دستور "2012م" المستفتى عليه.
ثم جاءت الصدمة أعظم فيما تفعله "لجنة الخمسين" ومناقشتها مواد "دستور 2012م" مادة مادة كأنها تضع دستورًا جديدًا وليس فقط تناقش التعديلات التي قدمتها "لجنة العشرة" كما نصت عليه خارطة الطريق والإعلان الدستوري الصادر عن الرئيس المؤقت، وهو التفات أكيد وواضح من أجل إلغاء الدستور المُستفتى عليه وكتابة دستور جديد باسم التعديل مع أن الجميع لم ينتخبهم الشعب المصري ولم يفوض هؤلاء الأشخاص!
ومهما كان عدد الخارجين في "30-6"... فإنهم لم يكونوا يطالبون بإسقاط الدستور، ولا أعطوا أحدًا تفويضًا بذلك، وإنما طالبوا برحيل الدكتور "مرسي" والإخوان؛ فمن أين لكم أن تجنوا كل هذه الجنايات على الهوية الإسلامية والمجتمع المصري؟!
هل تضعون دستورًا لأنفسكم أم للشعب المصري؟!
هل تعبِّرون عن وجهة نظركم الشخصية أم أنتم ممثلون للشعب المصري؟!
وجاءت المقترحات المستفزة التي أصابت البعض بالقيء والغثيان، وارتفاع ضغط الدم حقيقة لا مجازًا؛ حتى خشينا بالفعل أن نصاب بـ"جلطة في المخ أو القلب" من نحو إضافة كلمة "مدنية" وصفًا للدولة، وقد قتلت بحثـًا في "اللجنة التأسيسية لدستور 2012م"، ورفضت بأغلبية ساحقة شارك في رفضها "الأزهر الشريف".
ومن نحو المطالبة بحذف خانة الديانة، وخانة النوع "ذكر أو أنثى" بزعم المساواة بين الرجل والمرأة؛ كأن الحذف هو الذي سيسوي بينهما!
وكذلك منع كلمة "مبادئ الشريعة الإسلامية" في مادة المساواة بين الرجل والمرأة "بما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية" بدلاً من "أحكام الشريعة الإسلامية" التي كان منصوصًا عليها في دستور" 71"!
ومن أخطر الاقتراحات: حذف كلمة "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود" ووضع كلمة "غير المسلمين" بدلاً منها؛ والتي تعني بوضوح قبول الأديان غير المنسوبة إلى السماء كالبهائية والقاديانية والبوذية، وعبادة الشيطان في هذا العموم!
يا قومنا...
أنتم تضعون دستورًا للبلاد لعقود، وربما لقرون... فماذا تصنعون؟!
هل تعقلون ما يمكن أن ينتج عن عدم نجاح هذا الدستور -لو مر بأي طريقة- من انقسام مجتمعي؟!
هل تعلمون أن كل متدين -وليس كل عضو في الأحزاب أو الجماعات الإسلامية، والشعب المصري عامة متدين- سيشعر، بل سيعلم، بل سيوقن أنها حرب ضد الإسلام وليس ضد الإخوان؟!
هل تريدون أن تستمر الفوضى والانقسامات والصدامات إلى عقود من الزمن، بل شهور قليلة ستحولها إلى أشلاء دولة... ونحن لم ننتهِ بعد من زلزال "رابعة" و"النهضة" وتوابعه؟!
هل ترون أنه يمكن لأي جهة مسئولة أو قيادة للبلاد أن تواجِه الملايين بالحلول الأمنية؟!
كم ترون ينبغي أن يكون عدد المستبعدين حتى تستقر الأوضاع؟! ولكم من السنوات يبقون في السجون؟! وإذا خرجوا بعد فترة مع تدمير نفسي ومنهجي وفكري داخل السجون... ماذا سيصنعون بالمجتمع والقيادة التي صنعتْ بهم ذلك؟!
هل انتهيتم من مشكلة مئات الألوف من الشباب الرافض لما حدث في "رابعة" و"النهضة" حتى تزيدوا لهم مئات آلاف آخرين "وربما ملايين" من الساخطين الذين لا يرون ضياءً أمامهم إلا اليأس الذي دفعتموهم إليه؟! لم تعطوهم شيئًا على الإطلاق، وخدعتم مَن أحسن بكم الظن أنكم تقدرون المسئولية وتحملون همَّ الوطن، ونقضتم العهود ونكثتم الوعود!
ألم يزعجكم -كما أزعجنا جدًّا- أنه يكبِِّر البعض إذا سمعوا أن أساطيل دول أجنبية تقترب من سواحلنا؟!
ألم يقلقكم جدًّا أن يرى البعض في خيار انهيار الوطن والدولة اختيارًا مقبولاً؟!
ألم يصبكم ما أصابنا مِن هم وغم أن يحلم بعض شباب أمتنا المخلص -فيما نظن- بحلم انقسام الجيش المصري، وتحويل البلاد إلى سوريا جديدة؛ وليس ذلك إلا بسبب اليأس؟!
يا قومنا...
أفيقوا "قبل فوات الأوان"، قبل ألا تجدوا أحدًا مخلصًا لله مريدًا مصلحة الوطن، حريصًا على وحدته واستقراره، ناصحًا للجميع بلا أجر من مال أو منصب أو شهرة يقف معكم ويسير معكم.
يا قومنا...
السفينة إذا غرقتْ ستغرق بالجميع... ومَن يقولون لكم: السجون والبطش هو الحل! لم يقرؤوا التاريخ قط، ولم يؤمنوا أن الله من وراء الخلق محيط، وأنه الذي يدبر الملك بأمره، وأنه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
www.anasalafy.com
موقع أنا السلفي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد كان اختيار الشعب المصري في أول استفتاء حقيقي ونزيه بعد ثورة "25 يناير" في "19 مارس 2011م" محددًا بوضوح لا لبس فيه أن تكون الهيئة التأسيسية التي تصنع مشروع الدستور المصري الجديد -وهي في الحقيقة أعلى من السلطة التنفيذية والتشريعية؛ لأنها التي تحدد صلاحياتهما- بالانتخاب من الأعضاء المنتخبين لمجلس الشعب والشورى.
وقد كانت أنزه انتخابات وقعتْ في التاريخ الحديث للشعب المصري منذ ثورة "23 يوليو" إيذانًا باختيار الشعب لطريقة هي أقرب الطرق الحديثة إلى الشورى بعيدًا عن طريقة الغوغائية أو الديكتاتورية المستبدة.
وبعد "30 يونيو 2013م" جاء القرار بأن اللجنة التي تعد التعديلات الدستورية وتناقشها ستكون بالتعيين من رئيس الجمهورية المؤقت المعيَّن أيضًا بخطاب القوات المسلحة في "3-7-2013م" الذي لم يتضمن نصًّا صريحًا في طريقة تشكيل اللجنة -لجنة الخبراء، ولجنة الحوار المجتمعي- التي جاءت بمنزلة الهيئة التأسيسية.
وجاء هذا القرار مخالفًا لإرادة الشعب المصري في طريقة تشكيل هذه اللجنة، وكل ذلك خلافًا لما نص عليه الدستور المعطل "مؤقتـًا" وليس ملغيًّا كما أراد البعض في جلسة "3-7-2013م" التي شهدت ميلاد خارطة الطريق!
ومع أن الدستور المُستفتى عليه في "2012م" كان لا يصح تعديله افتئاتًا على الشعب بهذه الطريقة؛ إلا أن الظروف الحرجة العصيبة التي تمر بها البلاد وخطر انهيار الدولة الذي راهن عليه البعض في الداخل والخارج، وتقديم مصلحة الأمة على مصلحة الجماعة والحزب - هي التي دفعتْ "حزب النور" إلى قبول خارطة الطريق، ثم قبوله المشاركة في "لجنة الخمسين" رغم الظلم الذي تعرضت له الأحزاب الإسلامية في معايير التعيين التي جعلت تعيينهم في التمثيل 4% من اللجنة "أي: عضوان من خمسين!".
ثم جاء التعيين صادمًا بخلاف هذه المعايير أيضًا؛ حيث تم تعيين عضو واحد فقط من "حزب النور" وتعيين عضو آخر لا يمثـِّل أي حزب من الأحزاب الإسلامية، ولم يرشحه أي منها!
وجاء تشكيل اللجنة عجبًا من العجائب؛ إذ أنهم ممن يجزم الجميع بأنهم لا يمثـِّلون أغلبية في الشعب المصري؛ بدليل جميع الانتخابات التي تمت.
وتكونت أغلبية مطلقة من خلال اختيار أشخاص لهم انتماءات سياسية وفكرية وحزبية واضحة غاية الوضوح، معروفة بالليبرالية "والليبرالية المتطرفة"، واليسارية "واليسارية المتطرفة"، شديدة العداء لكل ما هو إسلامي!
ثم جاء عمل "لجنة العشرة" أيضًا صادمًا؛ إذ جاء مخالفًا لما تم الاتفاق عليه من كل القوى السياسية المشاركة في خارطة الطريق من عدم المساس بمواد الهوية: (2 - 4 - 81 - 219)، والتي وضعها الرئيس المؤقت -رئيس المحكمة الدستورية- ضمن المادة الأولى في الإعلان الدستوري الذي أصدره بعد توليه، ولو لم يكن هناك اتفاق هو مطلع عليه وقد أكده في أول اجتماع له بالقوى السياسية، وأكد للجميع بمن فيهم جبهة الإنقاذ وحركة تمرد، وسبق التزام الأزهر والكتلة بعدم المساس بهذه المواد - لو لم يكن هناك اتفاق أو كان هناك عوار دستوري -كما يزعم البعض!- لما وضعه الرئيس المؤقت في الإعلان الدستوري الذي بالتأكيد شارك فيه خبراء دستوريون.
جاء عمل لجنة العشرة معدلاً في (المادة 4) وحاذفـًا قيد الانضباط بمقومات الدولة والمجتمع في (مادة 81)! ولا أدري: هل يريدون هدم مقومات الدولة والمجتمع أم إهمالها في مقابلة الحقوق والحريات الفضفاضة الألفاظ والتطبيقات؟!
أم هل يسعدهم أن يشاهدوا في الشوارع المصرية حملات الأحضان المجانية "free hugs" التي تريد التخلص من التقاليد "البالية في زعمهم" التي يلزمهم بها المجتمع؟!
أم هل يسعون إلى إقرار حفلات ممارسة الجنس الجماعي ضمن طقوس "عبدة الشيطان" والتي وقعتْ بالفعل في زمن "مبارك"، وفي بداية ثورة "25 يناير"، وقد قدمتُ بنفسي أوراق دعاية حفلات مشبوهة للجهات المسئولة لاتخاذ اللازم في أول "2011م"؟! فلسنا بعيدين عن هذه الضلالات -كما يزعم البعض!-.
ثم لماذا نضع في دستور يعبِّر عن شعبنا وعقيدته ودينه هذه الألفاظ المجملة والعامة التي تجعل الجهات القضائية ملزمة دستوريًّا بإقرار هذه الحريات المزعومة؟!
وكذلك أوصتْ اللجنة بحذف (المادة 219) بزعم العوار الدستوري "الذي خفي على رئيس المحكمة الدستورية والخبراء المشاركين حين وضع الإعلان الدستوري!".
ثم كان ما هو أطم وأخطر مِن التقاط كل ما يشير من قريب أو بعيد للهوية الإسلامية والأخلاق والعروبة -حتى مادة حظر سب أنبياء الله ورسله- وحذفه من مشروع التعديلات، مع تحجيم واضح لصلاحيات الهيئات المنتخبة، ومنع وإلغاء فكرة الانتخاب في كثير من الهيئات بعد إقرارها في دستور "2012م" المستفتى عليه.
ثم جاءت الصدمة أعظم فيما تفعله "لجنة الخمسين" ومناقشتها مواد "دستور 2012م" مادة مادة كأنها تضع دستورًا جديدًا وليس فقط تناقش التعديلات التي قدمتها "لجنة العشرة" كما نصت عليه خارطة الطريق والإعلان الدستوري الصادر عن الرئيس المؤقت، وهو التفات أكيد وواضح من أجل إلغاء الدستور المُستفتى عليه وكتابة دستور جديد باسم التعديل مع أن الجميع لم ينتخبهم الشعب المصري ولم يفوض هؤلاء الأشخاص!
ومهما كان عدد الخارجين في "30-6"... فإنهم لم يكونوا يطالبون بإسقاط الدستور، ولا أعطوا أحدًا تفويضًا بذلك، وإنما طالبوا برحيل الدكتور "مرسي" والإخوان؛ فمن أين لكم أن تجنوا كل هذه الجنايات على الهوية الإسلامية والمجتمع المصري؟!
هل تضعون دستورًا لأنفسكم أم للشعب المصري؟!
هل تعبِّرون عن وجهة نظركم الشخصية أم أنتم ممثلون للشعب المصري؟!
وجاءت المقترحات المستفزة التي أصابت البعض بالقيء والغثيان، وارتفاع ضغط الدم حقيقة لا مجازًا؛ حتى خشينا بالفعل أن نصاب بـ"جلطة في المخ أو القلب" من نحو إضافة كلمة "مدنية" وصفًا للدولة، وقد قتلت بحثـًا في "اللجنة التأسيسية لدستور 2012م"، ورفضت بأغلبية ساحقة شارك في رفضها "الأزهر الشريف".
ومن نحو المطالبة بحذف خانة الديانة، وخانة النوع "ذكر أو أنثى" بزعم المساواة بين الرجل والمرأة؛ كأن الحذف هو الذي سيسوي بينهما!
وكذلك منع كلمة "مبادئ الشريعة الإسلامية" في مادة المساواة بين الرجل والمرأة "بما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية" بدلاً من "أحكام الشريعة الإسلامية" التي كان منصوصًا عليها في دستور" 71"!
ومن أخطر الاقتراحات: حذف كلمة "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود" ووضع كلمة "غير المسلمين" بدلاً منها؛ والتي تعني بوضوح قبول الأديان غير المنسوبة إلى السماء كالبهائية والقاديانية والبوذية، وعبادة الشيطان في هذا العموم!
يا قومنا...
أنتم تضعون دستورًا للبلاد لعقود، وربما لقرون... فماذا تصنعون؟!
هل تعقلون ما يمكن أن ينتج عن عدم نجاح هذا الدستور -لو مر بأي طريقة- من انقسام مجتمعي؟!
هل تعلمون أن كل متدين -وليس كل عضو في الأحزاب أو الجماعات الإسلامية، والشعب المصري عامة متدين- سيشعر، بل سيعلم، بل سيوقن أنها حرب ضد الإسلام وليس ضد الإخوان؟!
هل تريدون أن تستمر الفوضى والانقسامات والصدامات إلى عقود من الزمن، بل شهور قليلة ستحولها إلى أشلاء دولة... ونحن لم ننتهِ بعد من زلزال "رابعة" و"النهضة" وتوابعه؟!
هل ترون أنه يمكن لأي جهة مسئولة أو قيادة للبلاد أن تواجِه الملايين بالحلول الأمنية؟!
كم ترون ينبغي أن يكون عدد المستبعدين حتى تستقر الأوضاع؟! ولكم من السنوات يبقون في السجون؟! وإذا خرجوا بعد فترة مع تدمير نفسي ومنهجي وفكري داخل السجون... ماذا سيصنعون بالمجتمع والقيادة التي صنعتْ بهم ذلك؟!
هل انتهيتم من مشكلة مئات الألوف من الشباب الرافض لما حدث في "رابعة" و"النهضة" حتى تزيدوا لهم مئات آلاف آخرين "وربما ملايين" من الساخطين الذين لا يرون ضياءً أمامهم إلا اليأس الذي دفعتموهم إليه؟! لم تعطوهم شيئًا على الإطلاق، وخدعتم مَن أحسن بكم الظن أنكم تقدرون المسئولية وتحملون همَّ الوطن، ونقضتم العهود ونكثتم الوعود!
ألم يزعجكم -كما أزعجنا جدًّا- أنه يكبِِّر البعض إذا سمعوا أن أساطيل دول أجنبية تقترب من سواحلنا؟!
ألم يقلقكم جدًّا أن يرى البعض في خيار انهيار الوطن والدولة اختيارًا مقبولاً؟!
ألم يصبكم ما أصابنا مِن هم وغم أن يحلم بعض شباب أمتنا المخلص -فيما نظن- بحلم انقسام الجيش المصري، وتحويل البلاد إلى سوريا جديدة؛ وليس ذلك إلا بسبب اليأس؟!
يا قومنا...
أفيقوا "قبل فوات الأوان"، قبل ألا تجدوا أحدًا مخلصًا لله مريدًا مصلحة الوطن، حريصًا على وحدته واستقراره، ناصحًا للجميع بلا أجر من مال أو منصب أو شهرة يقف معكم ويسير معكم.
يا قومنا...
السفينة إذا غرقتْ ستغرق بالجميع... ومَن يقولون لكم: السجون والبطش هو الحل! لم يقرؤوا التاريخ قط، ولم يؤمنوا أن الله من وراء الخلق محيط، وأنه الذي يدبر الملك بأمره، وأنه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
www.anasalafy.com
موقع أنا السلفي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى